الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا قطن بن نسير ، ثنا جعفر بن سليم ، ثنا أبو طاهر ، عن أبي يزيد المدني ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه ، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، قال : أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فعلمني الإسلام وقرأت من القرآن شيئا ، فقلت : يا رسول الله ، إني أريد أن أظهر ديني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أخاف عليك أن تقتل . قلت : لا بد منه وإن قتلت ، قال : فسكت عني ، فجئت وقريش حلقا يتحدثون في المسجد ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فانتفضت الخلق فقاموا فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر ، وكانوا يرون أنهم قد قتلوني ، فأفقت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرأى ما بي من الحال ، فقال لي : ألم أنهك ؟ فقلت : يا رسول الله كانت حاجة في نفسي فقضيتها ، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الحق بقومك ، فإذا بلغك ظهوري فأتني .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عمرو بن حكام ، ثنا المثنى بن سعيد ، ثنا أبو جمرة أن ابن عباس أخبرهم عن بدو إسلام أبي ذر ، قال : دخل أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله مرني بما شئت ، فقال : ارجع إلى أهلك حتى يأتيك خبري ، فقلت : والله ما كنت لأرجع حتى أصرح بالإسلام ، فخرج إلى المسجد فصاح بأعلى صوته ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فقال المشركون [ ص: 159 ] : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، فقاموا إليه فضربوه حتى سقط ، فمر به العباس ، فقال : يا معشر قريش أنتم تجار وطريقكم على غفار ، أتريدون أن يقطع الطريق ، فأكب عليه العباس فتفرقوا ، فلما كان الغد عاد إلى مثل قوله ، فقاموا إليه فضربوه . فمر به العباس فقال لهم مثل ما قال ، ثم أكب عليه .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا المقرئ ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، قال : أتيت مكة ، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم فخررت مغشيا علي ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر .

              حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ، ثنا يوسف بن يعقوب ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا أبو هلال الراسبي ، ثنا حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، قال : قال لي أبو ذر رضي الله تعالى عنه : قدمت مكة فقلت : أين هذا الصابئ ؟ فقالوا : الصابئ الصابئ ‍! فأقبلوا يرمونني بكل عظم وحجر حتى تركوني مثل النصب الأحمر ، فلما ضربني برد السحر أفقت ، وتحملت حتى أتيت زمزم فاغتسلت من مائها وشربت منه ، وكنت بين الكعبة وأستارها ثلاثين ليلة بأيامها ، ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم حتى تكسر عكن بطني ، وما وجدت على كبدي من سخفة جوع ، حتى إذا كان ذات ليلة جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت ، وصلى خلف المقام ، فكنت أول من حياه بالإسلام - أو قال بالسلام - فقلت : السلام عليك ، فقال : وعليك ورحمة الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية