الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : احتج الجبائي بهذه الآية ، فقال : إنها تدل على أنه تعالى لم يكلف العبد بما لا يقدر عليه ; لأن قوله : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) يدل على أنه تعالى لم يفعل الإعنات والضيق في التكليف ، ولو كان مكلفا بما لا يقدر العبد عليه لكان قد تجاوز حد الإعنات وحد الضيق .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن وجه هذا الاستدلال أن كلمة ( لو ) تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، ثم سألوا أنفسهم بأن هذه الآية وردت في حق اليتيم ، وأجابوا عنه بأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وأيضا فولي هذا اليتيم قد لا يفعل تعالى فيه قدرة الإصلاح ; لأن هذا هو قولهم فيمن يختار خلاف الإصلاح ، وإذا كان كذلك فكيف يجوز أن يقول تعالى فيه خاصة : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) مع أنه كلفه بما لا يقدر عليه ، ولا سبيل له إلى فعله ، وأيضا فالإعنات لا يصح إلا فيمن يتمكن من الشيء فيشق عليه ويضيق ، فأما من لا يتمكن ألبتة فذلك لا يصح فيه ، وعند الخصم الولي إذا اختار الصلاح فإنه لا يمكنه فعل الفساد ، وإذا لم يقدر على الفساد لا يصح أن يقال فيه : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب عنه : المعارضة بمسألة العلم والداعي ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية