المسألة الرابعة : اعلم أن دم الحيض موصوف بصفات حقيقية ويتفرع عليه أحكام شرعية ، أما الصفات الحقيقية فأمران :
أحدهما : المنبع ، ودم الحيض دم يخرج من الرحم ، قال تعالى : ( ولا ) [ ص: 56 ] ( يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) [البقرة : 228] قيل في تفسيره : المراد منه الحيض والحمل ، وأما دم الاستحاضة ، فإنه لا يخرج من الرحم ، لكن من عروق تنقطع في فم الرحم ، قال عليه السلام في : " صفة دم الاستحاضة " ، وهذا الكلام يؤيد ما ذكرنا في دفع النقض عن تعليل القرآن . إنه دم عرق انفجر
والنوع الثاني : من : الصفات التي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم دم الحيض بها : صفات دم الحيض
أحدها : أنه أسود .
والثاني : أنه ثخين .
والثالث : أنه محتدم ، وهو المحترق من شدة حرارته .
والرابعة : أنه يخرج برفق ولا يسيل سيلانا .
والخامسة : أن له رائحة كريهة بخلاف سائر الدماء ; وذلك لأنه من الفضلات التي تدفعها الطبيعة .
السادسة : أنه بحراني ، وهو شديد الحمرة ، وقيل : ما تحصل فيه كدورة تشبيها له بماء البحر ، فهذه الصفات هي الصفات الحقيقية .
ثم من الناس من قال : دم الحيض يتميز عن دم الاستحاضة ، فكل دم كان موصوفا بهذه الصفات فهو دم الحيض ، وما لا يكون كذلك لا يكون دم حيض ، وما اشتبه الأمر فيه فالأصل بقاء التكاليف ، وزوالها إنما يكون لعارض الحيض ، فإذا كان غير معلوم الوجود بقيت التكاليف التي كانت واجبة على ما كان .
ومن الناس من قال : هذه الصفات قد تشتبه على المكلف ، فإيجاب التأمل في تلك الدماء وفي تلك الصفات يقتضي عسرا ومشقة ، فالشارع قدر وقتا مضبوطا متى حصلت الدماء فيه كان حكمها حكم الحيض كيف كانت تلك الدماء ، ومتى حصلت خارج ذلك الوقت لم يكن حكمها حكم الحيض كيف كانت صفة تلك الدماء ، والمقصود من هذا إسقاط العسر والمشقة عن المكلف ، ثم إن هي المنع من الصلاة والصوم ، واجتناب دخول المسجد ومس المصحف وقراءة القرآن ، وتصير المرأة به بالغة ، والحكم الثابت للحيض بنص القرآن إنما هو حظر الجماع على ما بينا كيفية دلالة الآية عليه . الأحكام الشرعية للحيض