المسألة السادسة : اتفق المسلمون على ، واتفقوا على حل الاستمتاع بالمرأة بما فوق السرة ودون الركبة ، واختلفوا في أنه هل يجوز حرمة الجماع في زمن الحيض ، فنقول : إن فسرنا المحيض بموضع الحيض على ما اخترناه كانت الآية دالة على تحريم الجماع فقط ، فلا يكون فيها دلالة على تحريم ما وراءه ، بل من يقول : إن تخصيص الشيء بالذكر يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه ، يقول : إن هذه الآية تدل على حل ما سوى الجماع ، أما من يفسر المحيض بالحيض ، كان تقدير الآية عنده : فاعتزلوا النساء في زمان الحيض ، ثم يقول : ترك العمل بهذه الآية فيما فوق السرة ودون الركبة ، فوجب أن يبقى الباقي على الحرمة . وبالله التوفيق . الاستمتاع بما دون السرة وفوق الركبة
أما قوله تعالى : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) فاعلم أن قوله : ( ولا تقربوهن ) أي ولا تجامعوهن ، يقال : قرب الرجل امرأته إذا جامعها ، وهذا كالتأكيد لقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) ويمكن أيضا حملها على فائدة جليلة جديدة وهي أن يكون قوله : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) نهيا عن المباشرة في موضع الدم ، وقوله : ( ولا تقربوهن ) يكون نهيا عن الالتذاذ بما يقرب من ذلك الموضع . [ ص: 59 ]
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ويعقوب الحضرمي ، وأبو بكر عن عاصم : ( حتى يطهرن ) خفيفة من الطهارة ، وقرأ حمزة والكسائي : ( يطهرن ) بالتشديد ، وكذلك حفص عن عاصم ، فمن خفف فهو زوال الدم ; لأن "يطهرن" من طهرت المرأة من حيضها ، وذلك إذا انقطع الحيض ، فالمعنى : لا تقربوهن حتى يزول عنهن الدم ، ومن قرأ : ( يطهرن ) بالتشديد فهو على معنى يتطهرن ، فأدغم كقوله : ( ياأيها المزمل ) [المزمل : 1] ، و ( ياأيها المدثر ) [المدثر : 1] أي المتزمل والمتدثر . وبالله التوفيق .