السؤال الرابع : ما الفائدة في قوله تعالى : ( في ذلك ) .
الجواب : أن فإذا انقضى ذلك الوقت فقد بطل حق الردة والرجعة. حق الرد إنما يثبت في الوقت الذي هو وقت التربص،
أما قوله تعالى : ( إن أرادوا إصلاحا ) فالمعنى أن وما أرادوا المضارة، ونظيره قوله : ( الزوج أحق بهذه المراجعة إن أرادوا الإصلاح وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) [البقرة : 231] والسبب في هذه الآية أن ليطلقوهن بعد الرجعة، حتى تحتاج المرأة إلى أن تعتد عدة حادثة، فنهوا عن ذلك، وجعل الشرط في حل المراجعة إرادة الإصلاح، وهو قوله : ( في الجاهلية كانوا يرجعون المطلقات، ويريدون بذلك الإضرار بهن إن أرادوا إصلاحا ) .
فإن قيل : إن كلمة "إن" للشرط، والشرط يقتضي انتفاء الحكم عند انتفائه، فيلزم إذا لم توجد إرادة الإصلاح أن لا يثبت حق الرجعة.
والجواب : أن الإرادة صفة باطنة لا اطلاع لنا عليها، فالشرع لم يوقف صحة المراجعة عليها، بل جوازها فيما بينه وبين الله موقوف على هذه الإرادة، حتى إنه لو راجعها لقصد المضارة استحق الإثم.
أما قوله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن ) فاعلم أنه تعالى لما بين أنه يجب أن يكون المقصود من المراجعة إصلاح حالها، لا إيصال الضرر إليها ، بين أن لكل واحد من الزوجين حقا على الآخر .
واعلم أن المقصود من الزوجين لا يتم إلا إذا كان كل واحد منهما مراعيا حق الآخر، وتلك الحقوق المشتركة كثيرة، ونحن نشير إلى بعضها.
فأحدها : أن فيجب على الزوج بسبب كونه أميرا وراعيا أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج. الزوج كالأمير والراعي، والزوجة كالمأمور والرعية،
وثانيها : روي عن أنه قال : "إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي" لقوله تعالى : ( ابن عباس ولهن مثل الذي عليهن ) .
وثالثها : ولهن على الزوج من إرادة الإصلاح عند المراجعة، مثل ما عليهن من ترك الكتمان فيما خلق الله في أرحامهن، وهذا أوفق لمقدمة الآية.