المسألة الثانية : اعلم أنه ويدل عليه وجهان : ليس التحديد بالحولين تحديد إيجاب،
الأول : أنه تعالى قال بعد ذلك : ( لمن أراد أن يتم الرضاعة ) فلما علق هذا الإتمام بإرادتنا ثبت أن هذا الإتمام غير واجب .
الثاني : أنه تعالى قال : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) ، فثبت أنه ليس المقصود من ذكر هذا التحديد إيجاب هذا المقدار، بل فيه وجوه :
الأول ، وهو الأصح : أن المقصود منه قطع التنازع بين الزوجين إذا تنازعا في مدة الرضاع، فقدر الله ذلك بالحولين حتى يرجعا إليه عند وقوع التنازع بينهما، فإن ، لم يكن له ذلك، وكذلك لو كان على عكس هذا ، فأما إذا أراد الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض الأم فلهما ذلك. اجتمعا على أن يفطما الولد قبل تمام الحولين
الوجه الثاني : في المقصود من هذا التحديد هو أن للرضاع حكما خاصا في الشريعة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " " ، والمقصود من ذكر هذا التحديد بيان أن الارتضاع ما لم يقع في هذا الزمان، لا يفيد هذا الحكم، هذا هو مذهب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب رضي الله عنه، وهو قول الشافعي علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعلقمة والشعبي رضي الله عنهم، وقال والزهري رضي الله عنه : أبو حنيفة ثلاثون شهرا. مدة الرضاع
حجة رضي الله عنه من وجوه : الشافعي
الحجة الأولى : أنه ليس المقصود من قوله : ( لمن أراد أن يتم الرضاعة ) هو التمام بحسب حاجة الصبي إلى ذلك؛ إذ من المعلوم أن الصبي كما يستغني عن اللبن عند تمام الحولين، فقد يحتاج إليه بعد الحولين لضعف في تركيبه ؛ لأن الأطفال يتفاوتون في ذلك، وإذا لم يجز أن يكون المراد بالتمام هذا المعنى، وجب أن يكون المراد هو الحكم المخصوص المتعلق بالرضاع، وعلى هذا التقدير تصير الآية دالة على أن حكم الرضاع لا يثبت إلا عند حصول الإرضاع في هذه المدة.
الحجة الثانية : روي عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : " " وقال تعالى : ( لا رضاع بعد فصال وفصاله في عامين ) [لقمان : 14].
الحجة الثالثة : ما روى رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : " ابن عباس ". لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين
والوجه الثالث : في المقصود من هذا التحديد ، ما روي عن أنه قال للتي تضع لستة أشهر : إنها ترضع حولين كاملين، فإن وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين شهرا، وقال آخرون : الحولان هذا [ ص: 102 ] الحد في رضاع كل مولود، وحجة ابن عباس رضي الله عنهما أنه تعالى قال : ( ابن عباس وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [الأحقاف : 15] دلت هذه الآية على أن زمان هاتين الحالتين هو هذا القدر من الزمان، فكما ازداد في مدة إحدى الحالتين انتقص من مدة الحالة الأخرى.