المسألة الرابعة : احتج بهذه الآية على أن الشافعي ، قال : الوتر لو كان واجبا لكانت الصلوات الواجبة ستة ، ولو كان كذلك لما حصل لها وسطى ، والآية دلت على حصول الوسطى لها . الوتر ليس بواجب
فإن قيل : الاستدلال إنما يتم إذا كان المراد هو الوسطى في العدد وهذا ممنوع ، بل المراد من الوسطى الفضيلة قال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) [ البقرة : 143 ] أي : عدولا ، وقال تعالى : ( قال أوسطهم ) [ القلم : 28 ] أي : أعدلهم ، وقد أحكمنا هذا الاشتقاق في تفسير قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد الوسطى في المقدار كالمغرب ، فإنه ثلاث ركعات وهو متوسط بين الاثنين وبين الأربع ، وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد الوسطى في الصفة وهي صلاة الصبح فإنها تقع في وقت ليس بغاية في الظلمة ولا غاية في الضوء .
الجواب : أن الخلق الفاضل إنما يسمى وسطا لا من حيث إنه خلق فاضل ، بل من حيث إنه يكون متوسطا بين رذيلتين هما طرفا الإفراط والتفريط ، مثل الشجاعة فإنها خلق فاضل وهي متوسطة بين الجبن والتهور فيرجع حاصل الأمر إلى أن لفظ الوسط حقيقة فيما يكون وسطا بحسب العدد ومجاز في الخلق [ ص: 130 ] الحسن والفعل الحسن من حيث إن من شأنه أن يكون متوسطا بين الطرفين اللذين ذكرناهما ، . وحمل اللفظ على الحقيقة أولى من حمله على المجاز
أما قوله : نحمله على ما يكون وسطا في الزمان وهو الظهر .
فجوابه : إن الظهر ليست بوسط في الحقيقة ، لأنها تؤدى بعد الزوال ، وهنا قد زال الوسط .
وأما قوله : نحمله على الصبح لكون وقت وجوبه وسطا بين وقت الظلمة وبين وقت النور ، أو على المغرب لكون عددها متوسطا بين الاثنين والأربعة .
فجوابه : أن هذا محتمل ، وما ذكرناه أيضا محتمل ، فوجب حمل اللفظ على الكل ، فهذا هو وجه الاستدلال في هذه المسألة بهذه الآية بحسب الإمكان . والله أعلم .