المسألة الثالثة : ، وروي عن المعتدة عن فرقة الوفاة لا نفقة لها ولا كسوة ، حاملا كانت أو حائلا علي عليه السلام رضي الله عنهما ، أن لها النفقة إذا كانت حاملا ، وعن وابن عمر جابر رضي الله عنهم [ ص: 136 ] أنهما قالا : لا نفقة لها ، حسبها الميراث ، وهل تستحق السكنى فيه قولان : وابن عباس
أحدهما : لا تستحق السكنى وهو قول علي عليه السلام وابن عباس ، ومذهب وعائشة واختيار أبي حنيفة المزني .
والثاني : تستحق وهو قول عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال وأم سلمة مالك والثوري وأحمد ، وبناء القولين على خبر فريعة بنت مالك أخت قتل زوجها قالت : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرجع إلى أهلي فإن زوجي ما تركني في منزل يملكه . فقال عليه السلام : نعم . فانصرفت حتى إذا كنت في المسجد أو في الحجرة دعاني فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله أبي سعيد الخدري ، واختلفوا في تنزيل هذا الحديث ، قيل لم يوجب في الابتداء ، ثم أوجب ، فصار الأول منسوخا ، وقيل : أمرها بالمكث في بيتها أمرا على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب ، واحتج المزني رحمه الله على أنه لا سكنى لها ، فقال : أجمعنا على أنه لا نفقة لها ، لأن الملك انقطع بالموت ، فكذلك السكنى ، بدليل أنهم أجمعوا على أن من انقطعت نفقتهم وسكناهم ، لأن ماله صار ميراثا للورثة ، فكذا ههنا . وجب له نفقة وسكنى من والد وولد على رجل فمات
أجاب الأصحاب فقالوا : لا يمكن قياس السكنى على النفقة ؛ لأن المطلقة الثلاث تستحق السكنى بكل حال ، ولا تستحق النفقة لنفسها عند المزني ، ولأن النفقة وجبت في مقابلة التمكين من الاستمتاع ولا يمكن ههنا ، وأما السكنى فوجبت لتحصين النساء وهو موجود ههنا فافترقا .
إذا عرفت هذا فنقول : القائلون بأن هذه الآية منسوخة لا بد وأن يختلف قولهم بسبب هذه المسألة ، وذلك لأن هذه الآية توجب النفقة والسكنى ، أما وجوب النفقة فقد صار منسوخا ، وأما وجوب السكنى فهل صار منسوخا أم لا ؟ والكلام فيه ما ذكرناه .