الحكم الثامن عشر
في المطلقات
( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون )
[ ص: 137 ] قوله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون )
يروى أن هذه الآية إنما نزلت ؛ لأن الله تعالى لما أنزل قوله تعالى : ( ومتعوهن ) إلى قوله : ( حقا على المحسنين ) [ البقرة : 236 ] قال رجل من المسلمين : إن أردت فعلت ، وإن لم أرد لم أفعل ، فقال تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) يعني على كل من كان متقيا عن الكفر ، واعلم أن المراد من المتاع ههنا فيه قولان :
أحدهما : أنه هو المتعة ، فظاهر هذه الآية يقتضي وجوب هذه ، فمن الناس من تمسك بظاهر هذه الآية وأوجب المتعة لجميع المطلقات ، وهو قول المتعة لكل المطلقات سعيد بن جبير وأبي العالية قال والزهري رحمه الله تعالى : لكل مطلقة إلا المطلقة التي فرض لها مهر ولم يوجد في حقها المسيس ، وهذه المسألة قد ذكرناها في تفسير قوله تعالى : ( الشافعي ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] .
فإن قيل : لم أعيد ههنا ذكر المتعة مع أن ذكرها قد تقدم في قوله : ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) .
قلنا : هناك ذكر حكما خاصا ، وههنا ذكر حكما عاما .
والقول الثاني : أن المراد بهذه المتعة النفقة ، والنفقة قد تسمى متاعا ، وإذا حملنا هذا المتاع على النفقة اندفع التكرار ، فكان ذلك أولى ، وههنا آخر الآيات الدالة على الأحكام . والله أعلم .