الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( إن الله لذو فضل على الناس ) ففيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه تفضل على أولئك الأقوام الذين أماتهم بسبب أنه أحياهم ، وذلك لأنهم خرجوا من الدنيا على المعصية ، فهو تعالى أعادهم إلى الدنيا ومكنهم من التوبة والتلافي . وثانيها : أن العرب الذين كانوا ينكرون المعاد كانوا متمسكين بقول اليهود في كثير من الأمور ، فلما نبه الله تعالى اليهود على هذه الواقعة التي كانت معلومة لهم ، وهم يذكرونها للعرب المنكرين للمعاد ، فالظاهر أن أولئك المنكرين يرجعون من الدين الباطل الذي هو الإنكار إلى الدين الحق الذي هو الإقرار بالبعث والنشور ، فيخلصون من العقاب ، ويستحقون الثواب ، فكان ذكر هذه القصة فضلا من الله تعالى وإحسانا في حق هؤلاء المنكرين .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن هذه القصة تدل على أن الحذر من الموت لا يفيد ، فهذه القصة تشجع الإنسان على الإقدام على طاعة الله تعالى كيف كان ، وتزيل عن قلبه الخوف من الموت ، فكان ذكر هذه القصة سببا لبعد العبد عن المعصية ، وقربه من الطاعة التي بها يفوز بالثواب العظيم ، فكان ذكر هذه القصة فضلا وإحسانا من الله تعالى على عبده ، ثم قال : ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) وهو كقوله : ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) [ الإسراء : 89 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية