المسألة في تفسير قوله تعالى : ( اسجدوا لآدم فسجدوا ) [البقرة : 34 ] والقائلون بأن البشر أفضل تمسكوا بهذه الآية ، وذلك لأن الاصطفاء يدل على مزيد الكرامة وعلو الدرجة ، فلما آدم وأولاده من الأنبياء على كل العالمين وجب أن يكونوا أفضل من الملائكة لكونهم من العالمين . بين تعالى أنه اصطفى
فإن قيل : إن حملنا هذه الآية على تفضيل المذكورين على كل العالمين أدى إلى التناقض ؛ لأن الجمع الكثير إذا وصفوا بأن كل واحد منهم أفضل من كل العالمين يلزم كون كل واحد منهم أفضل من كل العالمين يلزم كون كل واحد منهم أفضل من الآخر وذلك محال ، ولو حملناه على كونه أفضل عالمي زمانه أو عالمي جنسه لم يلزم التناقض ، فوجب حمله على هذا المعنى دفعا للتناقض وأيضا قال تعالى في صفة بني إسرائيل : ( وأني فضلتكم على العالمين ) [البقرة : 47 ] ولا يلزم كونهم أفضل من محمد - صلى الله عليه وسلم - بل قلنا المراد به عالمو زمان كل واحد منهم ، والجواب ظاهر في قوله : آدم على العالمين ، يتناول كل من يصح إطلاق لفظ العالم [ ص: 19 ] عليه فيندرج فيه الملك ، غاية ما في هذا الباب أنه ترك العمل بعمومه في بعض الصور لدليل قام عليه ، فلا يجوز أن نتركه في سائر الصور من غير دليل . اصطفى