قوله تعالى : ( وسبح بالعشي والإبكار ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ( العشي ) من حين نزول الشمس إلى أن تغيب ، قال الشاعر :
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق
والفيء ، إنما يكون من حين زوال الشمس إلى أن يتناهى غروبها ، وأما الإبكار فهو مصدر بكر يبكر إذا خرج للأمر في أول النهار ، ومثله بكر وابتكر وبكر ، ومنه الباكورة لأول الثمرة ، هذا هو أصل اللغة ، ثم سمي ما بين طلوع الفجر إلى الضحى : إبكارا ، كما سمي إصباحا ، وقرأ بعضهم " والأبكار " بفتح الهمزة ، جمع بكر كسحر وأسحار ، ويقال : أتيته بكرا بفتحتين .
المسألة الثانية : في قوله : ( وسبح ) قولان : أحدهما : المراد منه : وصل لأن الصلاة تسمى تسبيحا قال الله تعالى : ( فسبحان الله حين تمسون ) وأيضا ، وهاهنا الدليل دل على وقوع هذا المحتمل وهو من وجهين : الصلاة مشتملة على التسبيح ، فجاز تسمية الصلاة بالتسبيح
الأول : أنا لو حملناه على التسبيح والتهليل لم يبق بين هذه الآية وبين ما قبلها وهو قوله : ( واذكر ربك ) فرق ، وحينئذ يبطل ؛ لأن عطف الشيء على نفسه غير جائز .
والثاني : وهو أنه شديد الموافقة لقوله تعالى : ( وأقم الصلاة طرفي النهار ) [ هود : 114] ، وثانيهما : أن قوله : ( واذكر ربك ) محمول على الذكر باللسان .