الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وقوله : ( فيكون طيرا بإذن الله ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرأ نافع " فيكون طائرا" بالألف على الواحد ، والباقون " طيرا " على الجمع ، وكذلك في المائدة ، والطير : اسم الجنس يقع على الواحد وعلى الجمع .

                                                                                                                                                                                                                                            يروى أن عيسى - عليه السلام - لما ادعى النبوة ، وأظهر المعجزات ، أخذوا يتعنتون عليه وطالبوه بخلق خفاش ، فأخذ طينا وصوره ، ثم نفخ فيه ، فإذا هو يطير بين السماء والأرض ، قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ، ثم اختلف الناس فقال قوم : إنه لم يخلق غير الخفاش ، وكانت قراءة نافع عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            وقال آخرون : إنه خلق أنواعا من الطير وكانت قراءة الباقين عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قال بعض المتكلمين : الآية تدل على أن الروح جسم رقيق كالريح ، ولذلك وصفها بالفتح ، ثم هاهنا بحث ، وهو أنه هل يجوز أن يقال : إنه تعالى أودع في نفس عيسى - عليه السلام - خاصية ، بحيث متى نفخ في شيء كان نفخه فيه موجبا لصيرورة ذلك الشيء حيا ، أو يقال : ليس الأمر كذلك بل الله تعالى كان يخلق الحياة في ذلك الجسم بقدرته عند نفخة عيسى - عليه السلام - فيه على سبيل إظهار المعجزات ، وهذا الثاني هو الحق لقوله تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] وحكي عن إبراهيم - عليه السلام - أنه قال في مناظرته مع الملك : ( ربي الذي يحيي ويميت ) [ البقرة : 258 ] فلو حصل لغيره هذه الصفة لبطل ذلك الاستدلال .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية