المسألة الثانية : اعلم أن كانت ثابتة من زمن حرمة الأمهات والبنات آدم عليه السلام إلى هذا الزمان ، ولم يثبت حل نكاحهن في شيء من الأديان الإلهية ، بل إن زرادشت رسول المجوس قال بحله ، إلا أن أكثر المسلمين اتفقوا على أنه كان كذابا ، أما فقد نقل أن ذلك كان مباحا في زمن نكاح الأخوات آدم عليه السلام ، وإنما حكم الله بإباحة ذلك على سبيل الضرورة ، ورأيت بعض المشايخ أنكر ذلك ، وقال : إنه تعالى كان يبعث الحواري من الجنة ليزوج بهن أبناء آدم عليه السلام وهذا بعيد ؛ لأنه إذا كان زوجات أبنائه وأزواج بناته من أهل الجنة ، فحينئذ لا يكون هذا النسل من أولاد آدم فقط ، وذلك بالإجماع باطل .
وذكر العلماء أن : أن الوطء إذلال وإهانة ، فإن الإنسان يستحي من ذكره ولا يقدم عليه إلا في الموضع الخالي ، وأكثر أنواع الشتم لا يكون إلا بذكره ، وإذا كان الأمر كذلك وجب صون الأمهات عنه لأن إنعام الأم [ ص: 23 ] على الولد أعظم وجوه الإنعام ، فوجب صونها عن هذا الإذلال ، والبنت بمنزلة جزء من الإنسان وبعض منه ، قال عليه الصلاة والسلام : " السبب لهذا التحريم فاطمة بضعة مني " فيجب صونها عن هذا الإذلال ؛ لأن المباشرة معها تجري مجرى الإذلال ، وكذا القول في البقية ، والله أعلم . ولنشرع الآن في التفاصيل فنقول :