الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : لو تزوج بها على تعليم سورة من القرآن لم يكن ذلك مهرا ولها مهر مثلها ، ثم قال : إذا تزوج امرأة على خدمته سنة ، فإن كان حرا فلها مهر مثلها ، وإن كان عبدا فلها خدمة سنة ، وقال الشافعي - رحمة الله عليه - : يجوز جعل ذلك مهرا ، احتج أبو حنيفة على قوله بوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : هذه الآية ، وذلك أنه تعالى شرط في حصول الحل أن يكون الابتغاء بالمال ، والمال اسم للأعيان لا للمنافع .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : قال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) [ النساء : 4 ] وذلك صفة الأعيان .

                                                                                                                                                                                                                                            أجاب الشافعي عن الأول بأن الآية تدل على أن الابتغاء بالمال جائز ، وليس فيه بيان أن الابتغاء بغير المال جائز أم لا ، وعن الثاني : أن لفظ الإيتاء كما يتناول الأعيان يتناول المنافع الملتزمة ، وعن الثالث : أنه خرج الخطاب على الأعم الأغلب ، ثم احتج الشافعي - رضي الله عنه - على جواز جعل المنفعة صداقا بوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الحجة الأولى : قوله تعالى في قصة شعيب : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) [ القصص : 27 ] جعل الصداق تلك المنافع ، والأصل في شرع من تقدمنا البقاء إلى أن يطرأ الناسخ .

                                                                                                                                                                                                                                            الحجة الثانية : أن التي وهبت نفسها ، لما لم يجد الرجل الذي أراد أن يتزوج بها شيئا ، قال عليه الصلاة والسلام : " هل معك شيء من القرآن ؟ قال : نعم سورة كذا ، قال : زوجتكها بما معك من القرآن " ، والله أعلم . [ ص: 40 ]

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية