المسألة الرابعة : قال  الشافعي    - رحمة الله عليه - : إذا أسلم الكافر وتحته أختان  اختار أيتهما شاء وفارق الأخرى ، وقال  أبو حنيفة    - رضي الله عنه - : إن كان قد تزوج بهما دفعة واحدة فرق بينه وبينهما ، وإن كان قد   [ ص: 32 ] تزوج بإحداهما أولا وبالأخرى ثانيا ، اختار الأولى وفارق الثانية ، واحتج  أبو بكر الرازي   لأبي حنيفة  بقوله : ( وأن تجمعوا بين الأختين    ) قال : هذا خطاب عام فيتناول المؤمن والكافر ، وإذا ثبت أنه تناول الكافر وجب أن يكون النكاح فاسدا ؛ لأن النهي يدل على الفساد ، فيقال له : إنك بنيت هذا الاستدلال على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع وعلى أن النهي يدل على الفساد ،  وأبو حنيفة  لا يقول بواحد من هذين الأصلين ، فإن قال : فهما صحيحان على قولكم ؛ فكان هذا الاستدلال لازما عليكم ، فنقول : قولنا : الكفار مخاطبون بفروع الشرائع  ، لا نعني به في أحكام الدنيا ، فإنه ما دام كافرا لا يمكن تكليفه بفروع الإسلام ، وإذا أسلم سقط عنه كل ما مضى بالإجماع ، بل المراد منه أحكام الآخرة ، وهو أن الكافر يعاقب بترك فروع الإسلام كما يعاقب على ترك الإسلام ، إذا عرفت هذا فنقول : أجمعنا على أنه لو تزوج الكافر بغير ولي ولا شهود ، أو تزوج بها على سبيل القهر ، فبعد الإسلام يقر ذلك النكاح في حقه ، فثبت أن الخطاب بفروع الشرائع لا يظهر أثره في الأحكام الدنيوية في حق الكافر ، وحجة  الشافعي    : أن فيروز الديلمي  أسلم على ثمان نسوة ، فقال عليه الصلاة والسلام : " اختر أربعا وفارق سائرهن   " خيره بينهن ، وذلك ينافي ما ذكرتم من الترتيب ، والله أعلم . 
المسألة الخامسة : قوله تعالى : ( إلا ما قد سلف    ) فيه الإشكال المشهور : وهو أن تقدير الآية حرمت عليكم أمهاتكم وكذا وكذا إلا ما قد سلف ، وهذا يقتضي استثناء الماضي من المستقبل ، وإنه لا يجوز ، وجوابه بالوجوه المذكورة في قوله : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف    ) [ النساء : 22 ] والمعنى أن ما مضى مغفور بدليل قوله : ( إن الله كان غفورا رحيما    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					