المسألة الخامسة : قالت المعتزلة : إن عقاب قطرة من الخمر يزيل ثواب الإيمان والطاعة مدة مائة سنة . وقال أصحابنا : هذا باطل ؛ لأنا نعلم بالضرورة أن ثواب كل تلك الطاعات العظيمة تلك السنين المتطاولة أزيد من عقاب شرب هذه القطرة ، فإسقاط ذلك الثواب العظيم بعقاب هذا القدر من المعصية ظلم ، وإنه منفي بهذه الآية .
المسألة السادسة : قال الجبائي : إن ، ولا ينحبط من ذلك العقاب شيء . وقال ابنه عقاب الكبيرة يحبط ثواب جملة الطاعات أبو هاشم : بل ينحبط . واعلم أن هذا المشروع صار حجة قوية لأصحابنا في بطلان القول بالإحباط فإنا نقول : لو انحبط ذلك الثواب لكان إما أن يحبط مثله من العقاب أو لا يحبط ، والقسمان باطلان ، فالقول بالإحباط باطل . إنما قلنا : إنه لا يجوز انحباط كل واحد منهما بالآخر ؛ لأنه إذا كان سبب عدم كل واحد منهما وجود الآخر فلو حصل العدمان معا لحصل الوجدان معا ضرورة أن العلة لا بد وأن تكون حاصلة مع المعلول ، وذلك محال . وإنما قلنا : إنه لا يجوز انحباط الطاعة بالمعصية مع أن المعصية لا تنحبط بالطاعة ؛ لأن تلك الطاعات لم ينتفع العبد بها البتة ، لا في جلب ثواب ولا في دفع عقاب ، وذلك ظلم ، وهو ينافي قوله تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) ولما بطل القسمان ثبت القول بفساد الإحباط على ما تقوله المعتزلة .