واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الأسباب الأربعة قال : ( فلم تجدوا ماء ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال - رضي الله عنه - : إذا الشافعي وجب عليه الطلب مرة أخرى . وقال دخل وقت الصلاة ، فطلب الماء ولم يجده ، وتيمم وصلى ، ثم دخل وقت الصلاة الثانية - رضي الله عنه - لا يجب . أبو حنيفة
حجة قوله : ( الشافعي فلم تجدوا ماء ) وعدم الوجدان مشعر بسبق الطلب ، فلا بد في كل مرة من سبق الطلب .
فإن قيل : قولنا : وجد ، لا يشعر بسبق الطلب ، بدليل قوله تعالى : ( ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ) [ الضحى : 7 ] وقوله : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد ) [ الأعراف : 102 ] وقوله : ( ولم نجد له عزما ) [ طه : 115 ] فإن الطلب على الله محال .
قلنا : الطلب وإن كان في حقه تعالى محالا ، إلا أنه لما أخرج محمدا - صلى الله عليه وسلم - من بين قومه بما لم يكن لائقا لقومه صار ذلك كأنه طلبه ، ولما أمر المكلفين بالطاعات ثم إنهم قصروا فيها صار كأنه طلب شيئا ثم لم يجده ، فخرجت هذه اللفظة في هذه الآيات على سبيل التأويل من الوجه الذي ذكرناه .
[ ص: 92 ] المسألة الثانية : أجمعوا على أنه لو جاز له التيمم ، أما إذا وجد الماء لكنه يحتاج إليه لعطشه أو عطش حيوان محترم ، فهل يجب عليه أن يجمع بين استعمال ذلك القدر من الماء وبين التيمم ؟ قد أوجبه وجد من الماء ما لا يكفيه للوضوء - رضي الله عنه - متمسكا بظاهر لفظ الآية . الشافعي