المسألة الرابعة : قالت المعتزلة : إن قوله تعالى : ( ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) يدل على أن ، وبيانه من وجوه : كفر الكافر ليس بخلق الله ولا بإرادته
الأول : أنه لو خلق الله الكفر في الكافر وأراده منه فأي تأثير للشيطان فيه ، وإذا لم يكن له فيه تأثير فلم ذمه عليه ؟ .
الثاني : أنه تعالى ذم الشيطان بسبب أنه يريد [ ص: 125 ] هذه الضلالة ؟ فلو كان تعالى مريدا لها لكان هو بالذم أولى من حيث أن كل من عاب شيئا ثم فعله كان بالذم أولى قال تعالى : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 3 ] .
الثالث : أن قوله تعالى في أول الآية صريح في إظهار التعجب من أنهم كيف تحاكموا إلى الطاغوت مع أنهم قد أمروا أن يكفروا به ، ولو كان ذلك التحاكم بخلق الله لما بقي التعجب ، فإنه يقال : إنما فعلوا لأجل أنك خلقت ذلك الفعل فيهم وأردته منهم ، بل التعجب من هذا التعجب أولى ، فإن من فعل ذلك فيهم ثم أخذ يتعجب منهم أنهم كيف فعلوا ذلك كان التعجب من هذا التعجب أولى .
واعلم أن حاصل هذا الاستدلال يرجع إلى التمسك بطريقة المدح أو الذم ، وقد عرفت منا أنا لا نقدح في هذه الطريقة إلا بالمعارضة بالعلم والداعي والله أعلم .