النوع الثالث : قوله تعالى : ( وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في قوله : ( في أنفسهم ) وجوه :
الأول : أن في الآية تقديما وتأخيرا ، والتقدير : وقل لهم قولا بليغا في أنفسهم مؤثرا في قلوبهم يغتمون به اغتماما ويستشعرون منه الخوف استشعارا .
الثاني : أن يكون التقدير : وقل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولا بليغا ، وإن ، فطهروا قلوبكم من النفاق وإلا أنزل الله بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك أو شرا من ذلك وأغلظ . الله يعلم ما في قلوبكم فلا يغني عنكم إخفاؤه
الثالث : قل لهم في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم على سبيل السر ، لأن [ ص: 128 ] . النصحية على الملأ تقريع وفي السر محض المنفعة
المسألة الثانية : في الآية قولان :
أحدهما : أن المراد بالوعظ التخويف بعقاب الآخرة ، والمراد بالقول البليغ التخويف بعقاب الدنيا ، وهو أن يقول لهم : إن ما في قلوبكم من النفاق والكيد معلوم عند الله ، ولا فرق بينكم وبين سائر الكفار ، وإنما رفع الله السيف عنكم لأنكم أظهرتم الإيمان ، فإن واظبتم على هذه الأفعال القبيحة ظهر للكل بقاؤكم على الكفر ، وحينئذ يلزمكم السيف .
الثاني : أن ، فأمر تعالى بالوعظ ، ثم أمر أن يكون ذلك الوعظ بالقول البليغ ، وهو أن يكون كلاما بليغا طويلا حسن الألفاظ حسن المعاني مشتملا على الترغيب والترهيب والإحذار والإنذار والثواب والعقاب ، فإن الكلام إذا كان هكذا عظم وقعه في القلب ، وإذا كان مختصرا ركيك اللفظ قليل المعنى لم يؤثر البتة في القلب . القول البليغ صفة للوعظ