( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما )
واعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد أردفه بالوعد فقال : ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : ولم يفرقوا بين أحد منهم ) مع أن التفريق يقتضي شيئين فصاعدا إلا أن " أحدا " لفظ يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، ويدل عليه وجهان : إنما قال : (
الأول : صحة الاستثناء .
والثاني : قوله تعالى : ( لستن كأحد من النساء ) [الأحزاب : 32] .
إذا عرفت هذا فتقدير الآية : ولم يفرقوا بين اثنين منهم أو بين جماعة .
المسألة الثانية : تمسك أصحابنا بهذه الآية في إثبات العفو وعدم الإحباط فقالوا : ، والمفهوم منه يؤتيهم أجورهم على ذلك الإيمان ، وإلا لم تصلح هذه [ ص: 75 ] الآية لأن تكون ترغيبا في الإيمان ، وذلك يوجب القطع بعدم الإحباط ، والقطع بالعفو وبالإخراج من النار بعد الإدخال فيها . إنه تعالى وعد من آمن بالله ورسله بأنه يؤتيهم أجورهم
المسألة الثالثة : عاصم في رواية حفص ( يؤتيهم ) بالياء ، والضمير راجع إلى اسم الله ، والباقون بالنون ، وذلك أولى لوجهين : قرأ
أحدهما : أنه أفخم .
والثاني : أنه مشاكل لقوله ( وأعتدنا ) .
المسألة الرابعة : قوله تعالى : ( سوف يؤتيهم أجورهم ) معناه أن إيتاءها كائن لا محالة وإن تأخر فالغرض به توكيد الوعد وتحقيقه لا كونه متأخرا .
ثم قال : ( وكان الله غفورا رحيما ) والمراد أنه وعدهم بالثواب ثم أخبرهم بعد ذلك بأنه يتجاوز عن سيئاتهم ويعفو عنها ويغفرها .