ثم قال تعالى : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : في تعلق هذه الآية بما قبلها وجهان : 
الأول : أن المقصود منه الترغيب فيما تقدم من التكاليف والأحكام ، يعني ومن يكفر بشرائع الله وبتكاليفه فقد خاب وخسر في الدنيا والآخرة . 
والثاني : قال القفال    : المعنى أن أهل الكتاب وإن حصلت لهم في الدنيا فضيلة المناكحة وإباحة الذبائح في الدنيا إلا أن ذلك لا يفرق بينهم وبين المشركين في أحوال الآخرة وفي الثواب والعقاب ، بل كل من كفر بالله فقد حبط عمله في الدنيا ولم يصل إلى شيء من السعادات في الآخرة البتة . 
المسألة الثانية : قوله : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله    ) فيه إشكال ، وهو أن الكفر إنما يعقل بالله ورسوله ، فأما الكفر بالإيمان فهو محال  ، فلهذا السبب اختلف المفسرون على وجوه : 
الأول : قال  ابن عباس   ومجاهد    : ( ومن يكفر بالإيمان    ) أي : ومن يكفر بالله ، إنما حسن هذا المجاز لأنه تعالى رب الإيمان ، ورب الشيء قد يسمى باسم ذلك الشيء على سبيل المجاز   . 
والثاني : قال الكلبي    ( ومن يكفر بالإيمان    ) أي : بشهادة   [ ص: 118 ] أن لا إله إلا الله ، فجعل كلمة التوحيد إيمانا ، فإن الإيمان بها لما كان واجبا كان الإيمان من لوازمها بحسب أمر الشرع ، وإطلاق اسم الشيء على لازمه مجاز مشهور . 
والثالث : قال قتادة    : إن ناسا من المسلمين قالوا : كيف نتزوج نساءهم مع كونهم على غير ديننا ! فأنزل الله تعالى هذه الآية أي : ومن يكفر بما نزل في القرآن فهو كذا وكذا ، فسمى القرآن إيمانا لأنه هو المشتمل على بيان كل ما لا بد منه في الإيمان . 
المسألة الثالثة : القائلون بالإحباط قالوا : المراد بقوله : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله     ) أي : عقاب كفره يزيل ما كان حاصلا له من ثواب إيمانه ، والذين ينكرون القول بالإحباط قالوا : معناه أن عمله الذي أتى به بعد ذلك الإيمان فقد هلك وضاع ؛ فإنه إنما يأتي بتلك الأعمال بعد الإيمان لاعتقاده أنها خير من الإيمان ، فإذا لم يكن الأمر كذلك بل كان ضائعا باطلا كانت تلك الأعمال باطلة في أنفسها ، فهذا هو المراد من قوله : ( فقد حبط عمله    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					