الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة السادسة ) : ذكروا في تفسير إقامة الصلاة وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن إقامتها عبارة عن تعديل أركانها وحفظها من أن يقع خلل في فرائضها وسننها وآدابها ، من : أقام العود ، إذا قومه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنها عبارة عن المداومة عليها كما قال تعالى : ( والذين هم على صلاتهم يحافظون ) [المعارج : 34] وقال : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) [المعارج : 23] من : قامت السوق ، إذا نفقت ، وإقامتها نفاقها ؛ لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي تتوجه إليه الرغبات ، وإذا أضيعت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه ، وثالثها : أنها عبارة عن التجرد لأدائها ، وأن لا يكون في مؤديها فتور من قولهم : قام بالأمر ، وقامت الحرب على ساقها ، وفي ضده : قعد عن الأمر ، وتقاعد عنه إذا تقاعس وتثبط . ورابعها : إقامتها عبارة عن أدائها ، وإنما عبر عن الأداء بالإقامة ؛ لأن القيام بعض أركانها ، كما عبر عنها بالقنوت وبالركوع وبالسجود ، وقالوا : سبح إذا صلى ، لوجود التسبيح فيها ، قال تعالى : ( فلولا أنه كان من المسبحين ) [الصافات : 143] واعلم أن الأولى حمل الكلام على ما يحصل معه من الثناء العظيم ، وذلك لا يحصل إلا إذا حملنا الإقامة على إدامة فعلها من غير خلل في أركانها وشرائطها ؛ ولذلك فإن القيم بأرزاق الجند إنما يوصف بكونه قيما إذا أعطى الحقوق من دون بخس ونقص ؛ ولهذا يوصف الله تعالى بأنه قائم وقيوم ؛ لأنه يجب دوام وجوده ؛ ولأنه يديم إدرار الرزق على عباده .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية