أحدها : أنها الدعاء قال الشاعر :
وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتسم
وثانيها : قال الخارزنجي : اشتقاقها من الصلى ، وهي النار ، من قولهم : صليت العصا إذا قومتها بالصلى ، فالمصلي كأنه يسعى في تعديل باطنه وظاهره مثل من يحاول تقويم الخشبة بعرضها على النار .
وثالثها : أن الصلاة عبارة عن الملازمة من قوله تعالى : ( تصلى نارا حامية ) [الغاشية : 4] ( سيصلى نارا ذات لهب ) [المسد : 3] وسمي الفرس الثاني من أفراس المسابقة مصليا . ورابعها : قال صاحب الكشاف : الصلاة فعلة من " صلى " كالزكاة من " زكى " وكتبتها بالواو على لفظ المفخم ، وحقيقة صلى حرك الصلوين ، [ ص: 28 ] لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده ، وقيل للداعي مصل تشبيها له في تخشعه بالراكع والساجد ، وأقول : ههنا بحثان :
الأول : أن هذا الاشتقاق الذي ذكره صاحب الكشاف يفضي إلى طعن عظيم في كون القرآن حجة ، وذلك لأن لفظ الصلاة من أشد الألفاظ شهرة وأكثرها دورانا على ألسنة المسلمين ، واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء اشتهارا فيما بين أهل النقل ، ولو جوزنا أن يقال : مسمى الصلاة في الأصل ما ذكره ، ثم إنه خفي واندرس حتى صار بحيث لا يعرفه إلا الآحاد ، لكان مثله في سائر الألفاظ جائزا ، ولو جوزنا ذلك لما قطعنا بأن مراد الله تعالى من هذه الألفاظ ما تتبادر أفهامنا إليه من المعاني في زماننا هذا ، لاحتمال أنها كانت في زمان الرسول موضوعة لمعان أخر ، وكان مراد الله تعالى منها تلك المعاني ، إلا أن تلك المعاني خفيت في زماننا واندرست ، كما وقع مثله في هذه اللفظة ، فلما كان ذلك باطلا بإجماع المسلمين علمنا أن الاشتقاق الذي ذكره مردود باطل .
الثاني : عبارة عن أفعال مخصوصة يتلو بعضها بعضا مفتتحة بالتحريم ، مختتمة بالتحليل ، وهذا الاسم يقع على الفرض والنفل . لكن المراد بهذه الآية الفرض خاصة ؛ لأنه الذي يقف الفلاح عليه ؛ لأنه الصلاة في الشرع . عليه السلام لما بين للأعرابي صفة الصلاة المفروضة قال : والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلح إن صدق "