الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة الثانية ) : قال البصريون : هذا الحرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ، وقال الكوفيون : لا أثر له في رفع الخبر ، بل هو مرتفع بما كان مرتفعا به قبل ذلك . حجة البصريين : أن هذه الحروف تشبه الفعل مشابهة تامة على ما تقدم بيانه ، والفعل له تأثير في الرفع والنصب ، فهذه الحروف يجب أن تكون كذلك . وحجة الكوفيين من وجهين : الأول : أن معنى الخبرية باق في خبر المبتدأ ، وهو أولى باقتضاء الرفع ، فتكون الخبرية رافعة ، وإذا كانت الخبرية رافعة استحال ارتفاعه بهذه الحروف ، فهذه مقدمات ثلاثة : إحداها :

                                                                                                                                                                                                                                            قولنا : الخبرية باقية ، وذلك ظاهر ، لأن المراد من الخبرية كون الخبر مسندا إلى المبتدأ ، وبعد دخول حرف " إن " عليه فذاك الإسناد باق .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قولنا : الخبرية ههنا مقتضية للرفع : وذلك لأن الخبرية كانت قبل دخول " إن " مقتضية للرفع ، ولم يكن عدم الحرف هناك جزءا من المقتضى ؛ لأن العدم لا يصلح أن يكون جزء العلة ، فبعد دخول هذه الحروف كانت الخبرية مقتضية للرفع ، لأن المقتضى بتمامه لو حصل ولم يؤثر لكان ذلك لمانع ، وهو خلاف الأصل .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قولنا : الخبرية أولى بالاقتضاء ، وبيانه من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن كونه خبرا وصف حقيقي قائم بذاته ، وذلك الحرف أجنبي مباين عنه ، وكما أنه مباين عنه فغير مجاور له ؛ لأن الاسم يتخللهما .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الخبر يشابه الفعل مشابهة حقيقية معنوية ، وهو كون كل واحد منهما مسندا إلى الغير ، أما الحرف فإنه لا يشابه الفعل في وصف حقيقي معنوي ، فإنه ليس فيه إسناد ، فكانت مشابهة الخبر للفعل أقوى من مشابهة هذا الحرف للفعل ، فإذا ثبت ذلك كانت الخبرية باقتضاء الرفع لأجل مشابهة الفعل أولى من الحرف بسبب مشابهته للفعل .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : لما كانت الخبرية أقوى في اقتضاء الرفع استحال كون هذا الحرف رافعا ، لأن الخبرية بالنسبة إلى هذا الحرف أولى ، وإذا كان كذلك فقد حصل الحكم بالخبرية قبل حصول هذا الحرف ، فبعد وجود هذا الحرف لو أسند هذا الحكم إليه لكان ذلك تحصيلا للحاصل ، وهو محال .

                                                                                                                                                                                                                                            الوجه الثاني : أن سيبويه وافق على أن الحرف غير أصل في العمل ، فيكون إعماله على خلاف الدليل ، وما ثبت على خلاف الدليل يقدر بقدر الضرورة . والضرورة تندفع بإعمالها في الاسم ، فوجب أن لا يعملها في الخبر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية