الصفة الثالثة: قوله تعالى : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) وفي أقوال. اللغو
أحدها: أنه يدخل فيه كل ما كان حراما أو مكروها أو كان مباحا، ولكن لا يكون بالمرء إليه ضرورة وحاجة.
وثانيها: أنه عبارة عن كل ما كان حراما فقط، وهذا التفسير أخص من الأول.
وثالثها: أنه عبارة عن المعصية في القول والكلام خاصة، وهذا أخص من الثاني.
ورابعها: أنه المباح الذي لا حاجة إليه، واحتج هذا القائل بقوله تعالى: ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) [البقرة: 225] فكيف يحمل ذلك على المعاصي التي لا بد فيها من المؤاخذة، واحتج الأولون بأن اللغو إنما سمي لغوا بما أنه يلغى، وكل ما يقتضي الدين إلغاءه كان أولى باسم اللغو، فوجب أن يكون كل حرام لغوا، ثم اللغو قد يكون كفرا لقوله: ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) [فصلت: 26] وقد يكون كذبا لقوله: ( لا تسمع فيها لاغية ) [الغاشية: 11] وقوله: ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) [الواقعة: 25] ثم إنه سبحانه وتعالى مدحهم بأنهم يعرضون عن هذا اللغو، والإعراض عنه هو بأن لا يفعله ولا يرضى به ولا يخالط من يأتيه، وعلى هذا الوجه قال تعالى : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [الفرقان: 72] واعلم أنه سبحانه وتعالى لما وصفهم بالخشوع في الصلاة أتبعه الوصف ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف ، وهو أعلم. بالإعراض عن اللغو،