الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غلاما من الأنصار إلى عمر ليدعوه فوجده نائما في البيت ، فدفع الباب وسلم فلم يستيقظ عمر ، فعاد ورد الباب وقام من خلفه ، وحركه فلم يستيقظ ، فقال الغلام : اللهم أيقظه لي ودفع الباب ثم ناداه فاستيقظ وجلس ودخل الغلام ، فانكشف من عمر شيء وعرف عمر أن الغلام رأى ذلك منه ، فقال وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن يدخلوا علينا في هذه الساعات إلا بإذن ، ثم انطلق معه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فوجده قد نزل عليه ( ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) فحمد الله تعالى عمر عند ذلك ، فقال عليه السلام وما ذاك يا عمر ؟ فأخبره بما فعل الغلام ، فتعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنعه وتعرف اسمه ومدحه ، وقال : إن الله يحب الحليم الحيي العفيف المتعفف ، ويبغض البذيء الجريء السائل الملحف . فهذه الآية إحدى الآيات المنزلة بسبب عمر . وقال بعضهم : نزلت في أسماء بنت أبي مرثد ، قالت : إنا لندخل على الرجل والمرأة ولعلهما يكونان في لحاف واحد ، وقيل : دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله فيه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها فنزلت الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قال ابن عمر ومجاهد قوله : ( ليستأذنكم ) عنى به الذكور دون الإناث لأن قوله : ( الذين ملكت أيمانكم ) صيغة الذكور لا صيغة الإناث ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي في الرجال والنساء يستأذنون على كل حال بالليل والنهار ، والصحيح أنه يجب إثبات هذا الحكم في النساء ، لأن الإنسان كما يكره اطلاع الذكور على أحواله فقد يكره أيضا اطلاع النساء عليها ، ولكن الحكم يثبت في النساء بالقياس لا بظاهر اللفظ على ما قدمناه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : من العلماء من قال : الأمر في قوله : ( ليستأذنكم ) على الندب والاستحباب ، ومنهم من قال : إنه على الإيجاب وهذا أولى ، لما ثبت أن ظاهر الأمر للوجوب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية