[ ص: 256 ] مسألة : قال : ( والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما ) وجملة ذلك أن لوجود الشرائط الثلاث فيهما ، روي ذلك عن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ; عمر وعلي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي رضي الله عنهم . وبه قال وجابر جابر بن زيد وابن سيرين وعطاء ومجاهد وربيعة ومالك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى والشافعي والعنبري وابن عيينة وإسحاق وأبو عبيد ويحكى عن وأبو ثور ابن مسعود والثوري والأوزاعي أنهم قالوا : تجب الزكاة ، ولا تخرج حتى يبلغ الصبي ، ويفيق المعتوه . قال أحصي ما يجب في مال اليتيم من الزكاة ، فإذا بلغ أعلمه ، فإن شاء زكى ، وإن شاء لم يزك . وروي نحو هذا عن ابن مسعود وقال إبراهيم الحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو وائل والنخعي لا تجب الزكاة في أموالهما . وقال وأبو حنيفة يجب العشر في زروعهما وثمرتهما ، وتجب صدقة الفطر عليهما . أبو حنيفة
واحتج في نفي الزكاة بقوله عليه السلام { } وبأنها عبادة محضة ; فلا تجب عليهما ، كالصلاة والحج . ولنا ، ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق . } أخرجه : من ولي يتيما له مال فليتجر له ، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة . وفي رواته الدارقطني . المثنى بن الصباح ، وفيه مقال ، وروي موقوفا على : " وإنما تأكله الصدقة بإخراجها " . عمر
وإنما يجوز إخراجها إذا كانت واجبة ; لأنه ليس له أن يتبرع بمال اليتيم ، ولأن من وجب العشر في زرعه وجب ربع العشر في ورقه ، كالبالغ العاقل ، ويخالف الصلاة والصوم ، فإنها مختصة بالبدن ، وبنية الصبي ضعيفة عنها ، والمجنون لا يتحقق منه نيتها ، والزكاة حق يتعلق بالمال ، فأشبه نفقة الأقارب والزوجات ، وأروش الجنايات ، وقيم المتلفات ، والحديث أريد به رفع الإثم والعبادات البدنية ، بدليل وجوب العشر وصدقة الفطر والحقوق المالية ، ثم هو مخصوص بما ذكرناه ، والزكاة في المال في معناه ، فنقيسها عليه .
إذا تقرر هذا ، فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة ، فوجب إخراجها ، كزكاة البالغ العاقل ، والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون ، فكان على الولي أداؤه عنهما ، كنفقة أقاربه ، وتعتبر نية الولي في الإخراج ، كما تعتبر النية من رب المال .