( 2002 ) فصل : وإذا رأى الهلال أهل بلد  ، لزم جميع البلاد الصوم . وهذا قول  الليث  ، وبعض أصحاب  الشافعي    . وقال بعضهم : إن كان بين البلدين مسافة قريبة ، لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد  والبصرة  ، لزم أهلهما الصوم برؤية الهلال في أحدهما ، وإن كان بينهما بعد ، كالعراق  والحجاز والشام  ، فلكل أهل بلد رؤيتهم . وروي عن عكرمة  ، أنه قال : لكل أهل بلد رؤيتهم . 
وهو مذهب القاسم  ،  وسالم  ، وإسحاق    ; لما روى  كريب  ، قال {   : قدمت الشام  ، واستهل علي هلال رمضان ، وأنا بالشام  ، فرأينا الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة  في آخر الشهر ، فسألني  ابن عباس  ، ثم ذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال ؟ قلت : رأيناه ليلة الجمعة . فقال : أنت رأيته ليلة الجمعة ؟ قلت : نعم ، ورآه الناس ، وصاموا ، وصام  معاوية  فقال : لكن رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقلت : ألا تكتفي برؤية  معاوية  وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .   } قال الترمذي    : هذا حديث حسن صحيح غريب . ولنا قول الله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه    } . { وقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي لما قال له : الله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة ؟ قال : نعم   } . 
وقوله للآخر لما قال له : ماذا فرض الله علي من الصوم ؟ قال : { شهر رمضان .   } وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان ، وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان ، بشهادة الثقات ، فوجب صومه على جميع المسلمين . ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين ، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام ، من حلول الدين ، ووقوع الطلاق والعتاق ، ووجوب النذور ، وغير ذلك من الأحكام ، فيجب صيامه بالنص والإجماع ، ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال ، فيجب الصوم ، كما لو تقاربت البلدان . 
فأما حديث  كريب  فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول  كريب  وحده ، ونحن نقول به ، وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول ، وليس هو في الحديث . فإن قيل : فقد قلتم إن الناس إذا صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوما ، ولم يروا الهلال ، أفطروا في أحد الوجهين . قلنا : الجواب عن هذا من وجهين ; أحدهما ، أننا إنما قلنا يفطرون إذا صاموا بشهادته ، فيكون فطرهم مبنيا على صومهم بشهادته ، وهاهنا لم يصوموا بقوله ، فلم يوجد ما يجوز بناء الفطر  [ ص: 6 ] عليه . الثاني ، أن الحديث دل على صحة الوجه الآخر . 
				
						
						
