( 2610 ) مسألة : قال : ( فإن لم يصم قبل يوم النحر ، صام أيام منى  ، في إحدى الروايتين عن  أبي عبد الله  ، والرواية الأخرى لا يصوم أيام منى  ، ويصوم بعد ذلك عشرة أيام ، وعليه دم ) وجملة ذلك أن المتمتع ، إذا لم يصم الثلاثة في أيام الحج  ، فإنه يصومها بعد ذلك . وبهذا قال  علي  ،  وابن عمر  ، وعائشة  ،  وعروة بن الزبير   وعبيد بن عمير  ، والحسن  ،  وعطاء  ، والزهري  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي . 
ويروى عن  ابن عباس  ،  وسعيد بن جبير  ،  وطاوس  ،  ومجاهد    : إذا فاته الصوم في العشر وبعده ، واستقر الهدي في ذمته ; لأن الله تعالى قال : { فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم    } . ولأنه بدل موقت ، فيسقط بخروج وقته ، كالجمعة . 
ولنا ، أنه صوم واجب ، فلا يسقط بخروج وقته ، كصوم رمضان ، والآية تدل على وجوبه ، لا على سقوطه ، والقياس منتقض بصوم الظهار إذا قدم المسيس عليه ، والجمعة ليست بدلا ، وإنما هي الأصل ، وإنما سقطت لأن الوقت جعل شرطا لها كالجماعة . إذا ثبت هذا ، فإنه يصوم أيام منى    . 
وهذا قول  ابن عمر  ، وعائشة  ،  وعروة  ،  وعبيد بن عمير  ، والزهري  ،  ومالك  ، والأوزاعي  ، وإسحاق  ،  والشافعي  في القديم ; لما روى  ابن عمر  ،  وعائشة  ، قالا : { لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي   } . رواه  البخاري    . وهذا ينصرف إلى ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم . ولأن الله تعالى أمر بصيام الثلاثة في الحج ، ولم يبق من أيام الحج إلا هذه الأيام ، فيتعين الصوم فيها . فإذا صام هذه الأيام ، فحكمه حكم من صام قبل يوم النحر . 
وعن  أحمد  رواية أخرى ، لا يصوم أيام منى    . روي ذلك عن  علي  ، والحسن  ،  وعطاء    . وهو قول  ابن المنذر  لأن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم ستة أيام ، ذكر منها أيام التشريق   } ، وقال عليه السلام : { إنها أيام أكل وشرب   } . ولأنها لا يجوز فيها صوم النفل ، فلا يصومها عن الهدي ، كيوم النحر . فعلى هذه الرواية ، يصوم بعد ذلك عشرة أيام . وكذلك الحكم إذا قلنا : يصوم أيام منى  فلم يصمها . واختلفت الرواية عن  [ ص: 250 ]  أحمد  في وجوب الدم عليه ، فعنه عليه دم ; لأنه أخر الواجب من مناسك الحج عن وقته ، فلزمه دم ، كرمي الجمار ، ولا فرق بين المؤخر لعذر ، أو لغيره ، لما ذكرنا . 
وقال  القاضي    : إن أخره لعذر ، ليس عليه إلا قضاؤه ; لأن الدم الذي هو المبدل ، لو أخره لعذر ، لا دم عليه لتأخيره ، فالبدل أولى . وروي عن  أحمد  لا يلزمه مع الصوم دم بحال . وهذا اختيار  أبي الخطاب  ، ومذهب  الشافعي    ; لأنه صوم واجب ، يجب القضاء بفواته ، كصوم رمضان . فأما الهدي الواجب ، إذا أخره لعذر  ، مثل أن ضاعت نفقته ، فليس عليه إلا قضاؤه ، كسائر الهدايا الواجبة . 
وإن أخره لغير عذر ، ففيه روايتان : إحداهما ، ليس عليه إلا قضاؤه ، كسائر الهدايا . والأخرى ، عليه هدي آخر ; لأنه نسك مؤقت ، فلزم الدم بتأخيره عن وقته ، كرمي الجمار . وقال  أحمد    : من تمتع ، فلم يهد إلى قابل ، يهدي هديين . كذا قال  ابن عباس    . 
				
						
						
