( 2670 ) الفصل السادس ، أن . هذا قول أكثر أهل العلم ; منهم جزاء ما كان دابة من الصيد نظيره من النعم . وقال الشافعي : الواجب القيمة ويجوز فيها المثل ; لأن الصيد ليس بمثلي . ولنا ، قول الله تعالى : { أبو حنيفة فجزاء مثل ما قتل من النعم } . وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في الضبع كبشا .
وأجمع الصحابة على إيجاب المثل ، فقال [ ص: 269 ] ، عمر ، وعثمان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس : في النعامة بدنة . وحكم ومعاوية ، أبو عبيدة ، في حمار الوحش ببدنة . وحكم وابن عباس فيه ببقرة . وحكم عمر عمر في الظبي بشاة . وإذا حكموا بذلك في الأزمنة المختلفة ، والبلدان المتفرقة ، دل ذلك على أنه ليس على وجه القيمة ، ولأنه لو كان على وجه القيمة لاعتبروا صفة المتلف التي تختلف بها القيمة ، إما برؤية أو إخبار ، ولم ينقل عنهم السؤال عن ذلك حال الحكم ، ولأنهم حكموا في الحمام بشاة ، ولا يبلغ قيمة شاة في الغالب . وعلي
إذا ثبت هذا ، فليس المراد حقيقة المماثلة ، فإنها لا تتحقق بين النعم والصيد ، لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة . والمتلف من الصيد قسمان ; أحدهما ، قضت فيه الصحابة ، فيجب فيه ما قضت . وبهذا قال ، عطاء ، والشافعي وإسحاق .
وقال : يستأنف الحكم فيه ; لأن الله تعالى قال { مالك : يحكم به ذوا عدل منكم . } ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { : أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم } وقال { أبي بكر ، وعمر } . ولأنهم أقرب إلى الصواب ، وأبصر بالعلم ، فكان حكمهم حجة على غيرهم ، كالعالم مع العامي ، والذي بلغنا قضاؤهم في ; الضبع كبش . قضى به : اقتدوا باللذين من بعدي : ، عمر ، وعلي ، وجابر . وابن عباس
وفيه عن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { جابر } . رواه جعل في الضبع يصيدها المحرم كبشا أبو داود ، . وروي عن وابن ماجه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { جابر } . قال ، قال : في الضبع كبش ، إذا أصاب المحرم ، وفي الظبي شاة ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة : الجفرة ، التي قد فطمت ورعت . رواه أبو الزبير . قال الدارقطني : { أحمد } وبه قال : حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع بكبش . ، عطاء ، والشافعي ، وأبو ثور . وابن المنذر
وقال الأوزاعي إن كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون أكلها . وهو القياس ، إلا أن اتباع السنة والآثار أولى . وفي حمار الوحش بقرة . روي ذلك عن رضي الله عنه . وبه قال عمر ، عروة ، ومجاهد . والشافعي
وعن : فيه بدنة . روي ذلك عن أحمد ، أبي عبيدة . وبه قال وابن عباس ، عطاء . وفي بقرة الوحش بقرة . روي ذلك عن والنخعي ، ابن مسعود ، وعطاء ، وعروة ، وقتادة . والأيل فيه بقرة . قاله والشافعي . قال أصحابنا : في الوعل والثيتل بقرة ، كالأيل . والأروى فيها بقرة . قال ذلك ابن عباس . ابن عمر
وقال : فيها عضب ، وهي من أولاد البقر ما بلغ أن يقبض على قرنه ، ولم يبلغ أن يكون جذعا . وحكي ذلك عن القاضي الأزهري . وفي الظبي شاة . ثبت ذلك عن ، وروي عن عمر . وبه قال علي ، عطاء ، وعروة ، والشافعي ، ولا نحفظ عن غيرهم خلافهم . وفي الوبر شاة . روي ذلك عن وابن المنذر ، مجاهد . وعطاء
وقال : فيه جفرة ; لأنه ليس بأكبر منها وكذلك . قال القاضي : إن كانت الشافعي العرب تأكله . والجفرة من أولاد المعز ما أتى عليها أربعة أشهر ، وفصلت عن أمها ، والذكر جفر .
وفي اليربوع جفرة . قال ذلك رضي الله عنه . وروي ذلك عن عمر ، وبه قال ابن مسعود ، عطاء ، والشافعي . وقال وأبو ثور : فيه ثمنه . وقال النخعي : قيمته طعاما . وقال مالك عمرو بن دينار : ما سمعنا أن الضب واليربوع يوديان . واتباع الآثار أولى . وفي الضب جدي . قضى به ، وأربد ، وبه قال عمر . الشافعي
وعن ، فيه شاة ; لأن أحمد ، [ ص: 270 ] جابر بن عبد الله قالا فيه ذلك . وقال وعطاء : حفنة من طعام . وقال مجاهد : صاع . وقال قتادة : قيمته من الطعام . والأول أولى ; فإن قضاء مالك أولى من قضاء غيره ، والجدي أقرب إليه من الشاة . عمر
وفي الأرنب عناق . قضى به . وبه قال عمر . وقال الشافعي : فيه حمل . وقال ابن عباس : فيه شاة . وقضاء عطاء أولى . والعناق : الأنثى من ولد المعز في أول سنة ، والذكر جدي . القسم الثاني ، ما لم تقض فيه الصحابة ، فيرجع إلى قول عدلين من أهل الخبرة ; لقول الله تعالى : { عمر يحكم به ذوا عدل منكم } . فيحكمان فيه بأشبه الأشياء من النعم ، من حيث الخلقة ، لا من حيث القيمة ، بدليل أن قضاء الصحابة لم يكن بالمثل في القيمة ، وليس من شرط الحكم أن يكون فقيها ; لأن ذلك زيادة على أمر الله تعالى به ، وقد أمر أن يحكم في الضب ، ولم يسأل أفقيه هو أم لا ؟ لكن تعتبر العدالة ; لأنها منصوص عليها ، ولأنها شرط في قبول القول على الغير في سائر الأماكن ، وتعتبر الخبرة ; لأنه لا يتمكن من الحكم بالمثل إلا من له خبرة ، ولأن الخبرة بما يحكم به شرط في سائر الحكام . عمر
ويجوز أن يكون القاتل أحد العدلين . وبهذا قال ، الشافعي وإسحاق ، . وقال وابن المنذر : ليس له ذلك ; لأن الإنسان لا يحكم لنفسه . النخعي
ولنا ، عموم قوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } . والقاتل مع غيره ذوا عدل منا . وقد روى سعيد في " سننه " ، ، في " مسنده " ، عن والشافعي طارق بن شهاب ، قال : خرجنا حجاجا ، فأوطأ رجل منا يقال له أربد ضبا ، ففزر ظهره ، فقدمنا على رضي الله عنه فسأله عمر أربد ، فقال له : احكم يا أربد فيه . قال : أنت خير مني يا أمير المؤمنين . قال : إنما أمرتك أن تحكم ، ولم آمرك أن تزكيني . فقال أربد : أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر . قال : فذلك فيه . فأمره عمر أن يحكم فيه وهو القاتل ، وأمر أيضا عمر أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم . ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى ، فجاز أن يكون من وجب عليه أمينا فيه ، كالزكاة . كعب الأحبار
( 2671 ) فصل : قال أصحابنا : في كبير الصيد مثله من النعم ، وفي الصغير صغير ، وفي الذكر ذكر ، وفي الأنثى أنثى ، وفي الصحيح صحيح ، وفي المعيب معيب . وبهذا قال . وقال الشافعي : في الصغير كبير ، وفي المعيب صحيح ; لأن الله تعالى قال : { مالك هديا بالغ الكعبة } . ولا يجزئ في الهدي صغير ولا معيب ، ولأنها كفارة متعلقة بقتل حيوان ، فلم تختلف بصغيره وكبيره ، كقتل الآدمي .
ولنا ، قول الله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } . ومثل الصغير صغير ، ولأن ما ضمن باليد والجناية اختلف ضمانه بالصغر والكبر ، كالبهيمة ، والهدي في الآية معتبرة بالمثل ، وقد أجمع الصحابة على الضمان بما لا يصح هديا ، كالجفرة والعناق والجدي . وكفارة الآدمي ليست بدلا عنه ، ولا تجري مجرى الضمان ، بدليل أنها لا [ ص: 271 ] تتبعض في أبعاضه ، فإن فدى المعيب بصحيح فهو أفضل ، وإن فداه بمعيب مثله جاز .
وإن اختلف العيب ، مثل أن فدى الأعرج بأعور ، أو الأعور بأعرج ، لم يجز ، لأنه ليس بمثله . وإن فدى أعور من أحد العينين بأعور من أخرى ، أو أعرج من قائمة بأعرج من أخرى جاز ; لأن هذا اختلاف يسير ، ونوع العيب واحد ، وإنما اختلف محله . وإن فدى الذكر بأنثى ، جاز ; لأن لحمها أطيب وأرطب . وإن فداها بذكر ، جاز ، في أحد الوجهين ; لأن لحمه أوفر فتساويا . والآخر لا يجوز ; لأن زيادته عليها ليس هي من جنس زيادتها ، فأشبه فداء المعيب من نوع بمعيب من نوع آخر .