الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2692 ) فصل : إذا أحرم الرجل ، وفي ملكه صيد ، لم يزل ملكه عنه ، ولا يده الحكمية ، مثل أن يكون في بلده ، أو في يد نائب له في غير مكانه . ولا شيء عليه إن مات ، وله التصرف فيه بالبيع والهبة وغيرهما . ومن غصبه لزمه رده ، ويلزمه إزالة يده المشاهدة عنه . ومعناه إذا كان في قبضته ، أو رحله ، أو خيمته ، أو قفص معه ، أو مربوطا بحبل معه ، لزمه إرساله . وبهذا قال مالك ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال الثوري : هو ضامن لما في بيته أيضا . وحكي نحو ذلك عن الشافعي . وقال أبو ثور : ليس عليه إرسال ما في يده . وهو أحد قولي الشافعي ; لأنه في يده ، أشبه ما لو كان في يده الحكمية ، ولأنه لا يلزم من منع ابتداء الصيد المنع من استدامته ; بدليل الصيد في الحرم .

                                                                                                                                            ولنا ، على أنه لا يلزمه إزالة يده الحكمية ، أنه لم يفعل في الصيد فعلا ، فلم يلزمه شيء ، كما لو كان في ملك غيره ، وعكس هذا إذا كان في يده المشاهدة ، فإنه فعل الإمساك في الصيد ، فكان ممنوعا منه ، كحالة الابتداء ، فإن استدامة الإمساك إمساك ; بدليل أنه لو حلف لا يمسك شيئا فاستدام إمساكه ، حنث . إذا ثبت هذا ، فإنه متى أرسله لم يزل ملكه عنه ، ومن أخذه رده إذا حل ، ومن قتله ضمنه له ; لأن ملكه كان عليه ، وإزالة الأثر لا يزيل الملك ، بدليل الغصب والعارية . فإن تلف في يده قبل إرساله بعد إمكانه ، ضمنه ; لأنه تلف تحت اليد العادية ، فلزمه الضمان ، كمال الآدمي .

                                                                                                                                            وإن كان قبل إمكان الإرسال ، فلا ضمان ; لأنه ليس بمفرط ولا متعد ، فإن أرسله إنسان من يده ، فلا ضمان عليه ; لأنه فعل ما يلزمه فعله ، ولأن اليد قد زال حكمها وحرمتها ، فإن أمسكه حتى حل ، فملكه باق عليه ; لأن ملكه لم يزل بالإحرام ، وإنما زال حكم المشاهدة ، فصار كالعصير يتخمر ثم يتخلل قبل إراقته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية