( 7136 ) الفصل الثالث : أن بإجماع أهل العلم . وفي حديث الرجم لا يجب إلا على المحصن إن الرجم حق على من زنى وقد أحصن . وقال النبي صلى الله عليه وسلم { عمر } : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث . ذكر منها : أو زنا بعد إحصان . سبعة ; أحدهما ، الوطء في القبل ، ولا خلاف في اشتراطه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وللإحصان شروط } . والثيابة تحصل بالوطء في القبل ، فوجب اعتباره . الثيب بالثيب الجلد والرجم
ولا خلاف في أن عقد النكاح الخالي عن الوطء ، لا يحصل به إحصان ; سواء حصلت فيه خلوة ، أو وطء دون الفرج ، أو في الدبر ، أو لم يحصل شيء من ذلك ; لأن هذا لا تصير به المرأة ثيبا ، ولا تخرج به عن حد الأبكار ، الذين حدهم جلد مائة وتغريب عام ، بمقتضى الخبر . ولا بد من أن يكون وطئا حصل به تغييب الحشفة في الفرج ; لأن ذلك حد الوطء الذي يتعلق به أحكام الوطء . الثاني : أن يكون في نكاح ; لأن النكاح يسمى إحصانا ; بدليل قول الله تعالى : { والمحصنات من النساء } . يعني المتزوجات . ولا خلاف بين أهل العلم ، في أن الزنى ، ووطء الشبهة ، لا يصير به الواطئ محصنا . ولا نعلم خلافا في أن التسري لا يحصل به الإحصان لواحد منهما ; لكونه ليس بنكاح ، ولا تثبت فيه أحكامه . الثالث : أن يكون النكاح صحيحا . وهذا قول أكثر أهل العلم ; منهم ، عطاء ، وقتادة ، ومالك ، وأصحاب الرأي . والشافعي
وقال : يحصل الإحصان بالوطء في نكاح فاسد . وحكي ذلك عن أبو ثور ، الليث والأوزاعي ; لأن الصحيح والفاسد سواء في أكثر الأحكام ، مثل وجوب المهر والعدة ، وتحريم الربيبة وأم المرأة ، ولحاق الولد ، فكذلك في الإحصان . [ ص: 42 ] ولنا ، أنه وطء في غير ملك . فلم يحصل به الإحصان ، كوطء الشبهة ، ولا نسلم ثبوت ما ذكروه من الأحكام ، وإنما ثبتت بالوطء فيه ، وهذه ثبتت في كل وطء ، وليست مختصة بالنكاح ، إلا أن النكاح هاهنا صار شبهة ، فصار الوطء فيه كوطء الشبهة سواء . الرابع ، الحرية وهي شرط في قول أهل العلم كلهم ، إلا : قال العبد والأمة هما محصنان ، يرجمان إذا زنيا ، إلا أن يكون إجماع يخالف ذلك . وحكي عن أبا ثور الأوزاعي في العبد تحته حرة : هو محصن ، يرجم إذا زنى ، وإن كان تحته أمة ، لم يرجم . وهذه أقوال تخالف النص والإجماع ، فإن الله تعالى قال : { فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } .
والرجم لا ينتصف ، وإيجابه كله يخالف النص مع مخالفة الإجماع المنعقد قبله ، إلا أن يكون إذا عتقا بعد الإصابة ، فهذا فيه اختلاف سنذكره إن شاء الله تعالى . وقد وافق الأوزاعي على أن ، لم يصيرا محصنين ، وهو قول الجمهور ، وزاد فقال في المملوكين إذا أعتقا ، وهما متزوجان ، ثم وطئها الزوج : لا يصيران محصنين بذلك الوطء . وهو أيضا قول شاذ ، خالف أهل العلم به ; فإن الوطء وجد منهما حال كمالهما ، فحصنهما ، كالصبيين إذا بلغا . الشرط الخامس والسادس ، البلوغ والعقل ، فلو وطئ وهو صبي أو مجنون ، ثم بلغ أو عقل ، لم يكن محصنا . هذا قول أكثر أهل العلم ، ومذهب العبد إذا وطئ الأمة ، ثم عتقا ، ومن أصحابه من قال : يصير محصنا ، وكذلك العبد إذا وطئ في رقه ، ثم عتق ، يصير محصنا ; لأن هذا وطء يحصل به الإحلال للمطلق ثلاثا ، فحصل به الإحصان كالموجود حال الكمال . الشافعي
ولنا ، قوله عليه السلام { } فاعتبر الثيوبة خاصة ، ولو كانت تحصل قبل ذلك ، لكان يجب عليه الرجم قبل بلوغه وعقله ، وهو خلاف الإجماع ، ويفارق الإحصان الإحلال ، لأن اعتبار الوطء في حق المطلق ، يحتمل أن يكون عقوبة له بتحريمها عليه حتى يطأها غيره ، ولأن هذا مما تأباه الطباع ويشق على النفوس ، فاعتبره الشارع زجرا عن الطلاق ثلاثا ، وهذا يستوي فيه العاقل والمجنون ، بخلاف الإحصان ، فإنه اعتبر لكمال النعمة في حقه ، فإن من كملت النعمة في حقه ، كانت جنايته أفحش وأحق بزيادة العقوبة ، والنعمة في العاقل البالغ أكمل . والله أعلم . الشرط السابع ، أن يوجد الكمال فيهما جميعا حال الوطء ، فيطأ الرجل العاقل الحر امرأة عاقلة حرة . وهذا قول : والثيب بالثيب ، جلد مائة والرجم . وأصحابه ، ونحوه ، قول أبي حنيفة ، عطاء والحسن ، ، وابن سيرين ، والنخعي ، وقتادة ، والثوري وإسحاق . قالوه في الرقيق .
وقال : إذا كان أحدهما كاملا صار محصنا ، إلا الصبي إذا وطئ الكبيرة ، لم يحصنها ، ونحوه عن مالك الأوزاعي . واختلف عن ، فقيل : له قولان ، أحدهما ، كقولنا . والثاني : أن الكامل يصير محصنا . وهذا قول الشافعي ; لأنه حر ، بالغ عاقل ، وطئ في نكاح صحيح ، فصار محصنا ، كما لو كان الآخر مثله . وقال بعضهم : إنما القولان في الصبي دون العبد ، فإنه يصير محصنا ، قولا واحدا ، إذا كان كاملا . ولنا ، أنه وطء لم يحصن به أحد المتواطئين ، فلم يحصن الآخر ، كالتسري ، ولأنه متى كان أحدهما ناقصا ، لم يكمل [ ص: 43 ] الوطء ، فلا يحصل به الإحصان ، كما لو كانا غير كاملين ، وبهذا فارق ما قاسوا عليه . ابن المنذر