( 7276 ) مسألة : قال : ( ، فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب ، وحسمت ) [ ص: 106 ] لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه ، يده اليمنى ، من مفصل الكف ، وهو الكوع . وفي قراءة وابتداء قطع السارق ، أن تقطع يده اليمنى من مفصل الكف ، ويحسم : " فاقطعوا أيمانهما " . وهذا إن كان قراءة وإلا فهو تفسير . وقد روي عن عبد الله بن مسعود أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، أنهما قالا : إذا سرق السارق ، فاقطعوا يمينه من الكوع . ولا مخالف لهما في الصحابة ; ولأن البطش بها أقوى ، فكانت البداية بها أردع ; ولأنها آلة السرقة ، فناسب عقوبته بإعدام آلتها . وعمر
وإذا سرق ثانيا ، قطعت رجله اليسرى . وبذلك قال الجماعة إلا ، حكي عنه أنه تقطع يده اليسرى ; لقوله سبحانه : { عطاء فاقطعوا أيديهما } . ولأنها آلة السرقة والبطش ، فكانت العقوبة بقطعها أولى . وروي ذلك عن ، ربيعة . وهذا شذوذ ، يخالف قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر ، من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم ، وهو قول وداود أبي بكر رضي الله عنهما ، وقد روى وعمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في السارق { أبو هريرة } . ولأنه في المحاربة الموجبة قطع عضوين ، إنما تقطع يده ورجله ، ولا تقطع يداه ، فنقول : جناية أوجبت قطع عضوين ، فكانا رجلا ويدا ، كالمحاربة ; ولأن قطع يديه يفوت منفعة الجنس ، فلا تبقى له يد يأكل بها ، ولا يتوضأ ، ولا يستطيب ، ولا يدفع عن نفسه ، فيصير كالهالك ، فكان قطع الرجل الذي لا يشتمل على هذه المفسدة أولى . إذا سرق فاقطعوا يده ، ثم إن سرق فاقطعوا رجله
وأما الآية : فالمراد بها قطع يد كل واحد منهما ; بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى . وفي قراءة : ( فاقطعوا أيمانهما ) . وإنما ذكر بلفظ الجمع ، لأن المثنى إذا أضيف إلى المثنى ذكر بلفظ الجمع كقوله تعالى : { عبد الله فقد صغت قلوبكما } . إذا ثبت هذا ، فإنه تقطع رجله اليسرى ; لقول الله تعالى : { أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } . ولأن قطع اليسرى أرفق به ; لأنه يمكنه المشي على خشبة ، ولو قطعت رجله اليمنى لم يمكنه المشي بحال . وتقطع الرجل من مفصل الكعب في قول أكثر أهل العلم ، وفعل ذلك رضي الله عنه . عمر
وكان رضي الله عنه يقطع من نصف القدم من معقد الشراك ، ويدع له عقبا يمشي عليها . وهو قول علي . ولنا أنه أحد العضوين المقطوعين في السرقة ، فيقطع من المفصل كاليد . وإذا قطع حسم ، وهو أن يغلى الزيت ، فإذا قطع غمس عضوه في الزيت ; لتنسد أفواه العروق ; لئلا ينزف الدم فيموت . وقد روي { أبي ثور أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق سرق شملة ، فقال اقطعوه واحسموه } . وهو حديث فيه مقال . قاله . وممن استحب ذلك ابن المنذر ، الشافعي ، وغيرهما من أهل العلم . ويكون الزيت من بيت المال ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به القاطع ، وذلك يقتضي أن يكون من بيت المال ، فإن لم يحسم ، فذكر وأبو ثور أنه لا شيء عليه ; لأن عليه القطع ، لا مداواة المحدود . ويستحب للمقطوع حسم نفسه ، فإن لم يفعل لم يأثم ; لأنه ترك التداوي في المرض . وهذا مذهب القاضي الشافعي