الحال الثالث ، فإنه تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ، وهذا معنى قوله سبحانه : { : أخذ المال ولم يقتل من خلاف } . وإنما قطعنا يده اليمنى للمعنى الذي قطعنا به يمنى السارق ، ثم قطعنا رجله اليسرى لتتحقق المخالفة ، وليكون أرفق به في إمكان مشيه . ولا ينتظر اندمال اليد في قطع الرجل ، بل يقطعان معا ، يبدأ بيمينه فتقطع وتحسم ، ثم برجله ; لأن الله تعالى بدأ بذكر الأيدي . ولا خلاف بين أهل العلم ، في أنه لا يقطع منه غير يد ورجل ، إذا كانت يداه ورجلاه صحيحتين ، فأما إن كان معدوم اليد والرجل ، إما لكونه قد قطع في قطع طريق أو سرقة أو قصاص ، أو لمرض ، فمقتضى كلام سقوط القطع عنه ، سواء كانت اليد اليمنى والرجل اليسرى أو بالعكس ; لأن قطع زيادة على ذلك يذهب بمنفعة الجنس ، إما منفعة البطش أو المشي أو كليهما . وهذا مذهب الخرقي . أبي حنيفة
وعلى الرواية التي تستوفي أعضاء السارق الأربعة ، يقطع ما بقي من أعضائه ، فإن كانت يده اليمنى مقطوعة ، قطعت رجله اليسرى وحدها ، ولو كانت يداه صحيحتين ، ورجله اليسرى مقطوعة ، قطعت يمنى يديه ، ولم يقطع غير ذلك . وجها واحدا . وهو مذهب . ولا نعلم فيه خلافا ; لأنه وجد في محل الحد ما يستوفى ، فاكتفي باستيفائه ، كما لو كانت اليد ناقصة ، بخلاف التي قبلها . وإن كان ما وجب قطعه أشل ، فذكر أهل الطب أن قطعه يفضي إلى تلفه ، لم يقطع ، وكان حكمه حكم المعدوم . وإن قالوا : لا يفضي إلى تلفه . ففي قطعه روايتان . ذكرناهما في قطع السارق . الحال الرابع ، الشافعي . الحال الخامس ، إذا أخافوا السبيل ، ولم يقتلوا ، ولم يأخذوا مالا . ويأتي ذكر حكمهما ، إن شاء الله تعالى . إذا تابوا قبل القدرة عليهم