الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وتكره صلاته بموضع يحتاج فيه إلى المرور ) ذكره في المذهب وغيره ( وتنقص صلاته إن لم يرده ) أي المار بين يديه نص عليه روي عن ابن مسعود إن ممر الرجل ليضع نصف الصلاة قال القاضي ينبغي أن يحمل نقص الصلاة على من أمكنه الرد فلم يفعله أما إذا لم يمكنه الرد فصلاته تامة لأنه لم يوجد منه ما ينقص الصلاة ، ولا يؤثر فيها ذنب غيره ( فإن أبى ) المار أن يرجع حيث رده المصلي ( دفعه بعنف ، فإن أصر ، فله قتاله ولو مشى ) قليلا ، لما مر من قوله صلى الله عليه وسلم { فإن أبي فليقاتله } و ( لا ) يقاتله ( بسيف ولا بما يهلكه ، بل بالدفع والوكز باليد ، ونحو ذلك قاله الشيخ وقال فإن مات من ذلك ) أي من الدفع والوكز باليد ونحوه ( فدمه هدر انتهى ) .

                                                                                                                      لأنه تسبب عن فعل مأذون فيه شرعا ، أشبه من مات في الحد ( ويأتي نحوه في باب ما يفسد الصوم ) إذا أكره زوجته على الوطء دفعته بالأسهل ، فالأسهل ، ولو أفضى إلى ذهاب نفسه ( فإن خاف إفساد [ ص: 376 ] صلاته بتكرار دفعه ) بأن احتاج إلى كثير ( لم يكرره ) أي الدفع ، لئلا يفسد صلاته ( ويضمنه ) أي يضمن المصلي المار إن قتله ( إذن ) أي مع خوف فسادها ( لتحريم التكرار لكثرته ) التي تؤدي إلى إفساد الصلاة المشروع إتمامها ، وظاهر كلامهم : سواء كان بين يديه سترة فمر دونها ، أو لم تكن فمر قريبا منه .

                                                                                                                      ( ويحرم مرور بين مصل وسترته ، ولو بعد عنها ) لما روى أبو جهم عبد الله بن الحارث بن الصمة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه } قال أبو النصر أحد رواته : لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة متفق عليه ولمسلم { لأن يقف أحدكم مائة عام خير من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي } ( ومع عدمها ) أي السترة بأن كان يصلي إلى غير سترة ( يحرم ) المرور ( بين يديه قريبا ) منه ( وهو ثلاثة أذرع فأقل بذارع اليد ) لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم لأن يقف أحدكم مائة عام خير من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي .

                                                                                                                      ( وفي المستوعب : إن احتاج ) المار ( إلى المرور ألقى شيئا ) بين يدي المصلي يكون سترة له ( ثم مر ) من ورائه ( انتهى ) .

                                                                                                                      فيكون مروره من وراء السترة ( فإن مر ) المار ( بين يدي المأمومين ، فهل ) يسن ( لهم رده ، وهل يأثم بذلك ) المرور ؟ ( احتمالان ، وصاحب الفروع يميل إلى أن لهم ) أي المأمومين ( رده ، وأنه يأثم بذلك ) لعموم ما سبق ، وعلى هذا : فسترة الإمام سترة لمن خلفه بالنسبة إلى عدم قطع صلاتهم بمرور الكلب الأسود البهيم بين أيديهم فقط ( كذا ذكره عنه ) القاضي أحمد محب الدين بن نصر الله البغدادي ( في شرح الفروع وليس وقوفه ) بين يدي المصلي ( كمروره ) لظاهر ما تقدم من الأخبار قلت وكذا تناوله شيئا من بين يديه من غير مرور .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية