( ويسن أن ( جميع السنة ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في وتره أشياء ، يأتي ذكرها وكان للدوام ولأن ما شرع في رمضان شرع في غيره كعدده وأما ما رواه يقنت فيها ) أي في الركعة الأخيرة من الوتر أبو داود أن والبيهقي أبيا كان يقنت في النصف الأخير من رمضان حين يصلي التراويح ففيه انقطاع ثم هو رأي أبي ( بعد الركوع ) روي عن الخلفاء الراشدين لحديث أبي هريرة { وأنس } متفق عليه ( وإن كبر ورفع يديه ، ثم قنت قبله ) أي قبل الركوع ( جاز ) ; لأنه روي عن جمع من [ ص: 418 ] الصحابة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع : الأحاديث التي جاء فيها قبل الركوع كلها معلولة ( فيرفع يديه إلى صدره ويبسطهما وبطونهما نحو السماء ) نص على ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم { الخطيب } رواه إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك ، ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك أبو داود . وابن ماجه
( ومن أدرك مع الإمام منها ) أي من الثلاث ركعات ( ركعة فإن كان الإمام سلم من اثنتين أجزأه ) ما أدركه ; لأن أقل الوتر ركعة ( وإلا ) أي وإن لم يكن الإمام سلم من اثنتين ( قضى ، كصلاة الإمام ) لحديث " { } " ولأن القضاء يحكي الأداء ( ويقول في قنوته جهرا إن كان إماما أو منفردا نصا وقياس المذهب يخير المنفرد في الجهر ) بالقنوت ( وعدمه كالقراءة ) وظاهر كلام جماعة أن الجهر يختص بالإمام فقط قال في الخلاف : وهو أظهر ( اللهم ) أصله يا الله كما تقدم حذفت " يا " من أوله وعوض عنها الميم في آخره ولذلك لا يجمع بينهما إلا في ضرورة الشعر . ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا
ولحظوا في ذلك أن يكون الابتداء بلفظ اسم الله تعالى ، تبركا وتعظيما أو طلبا للتخفيف بتصيير اللفظين لفظا واحدا ( إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ) أي نطلب منك المعونة والهداية والمغفرة ( ونتوب إليك ) التوبة : الرجوع عن الذنب ، وشرعا : الندم على ما مضى من الذنب والإقلاع في الحال والعزم على ترك العود في المستقبل ، تعظيما لله فإن كان الحق لآدمي فلا بد أن يحلله ذكره في المبدع ( ونؤمن بك ) أي نصدق بوحدانيتك ( ونتوكل عليك ) قال الجوهري : التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير والاسم التكلان وقال : هو ترك تدبير النفس والانخلاع من الحول والقوة وقال ذو النون المصري هو الاسترسال مع الله على ما يريد ( ونثني عليك الخير كله ) أي نمدحك ونصفك بالخير . سهل بن عبد الله
والثناء في الخير خاصة والثناء بتقديم النون في الخير والشر ( ونشكرك ولا نكفرك ) أصل الكفر الجحود والستر قال في المطالع : والمراد هنا كفر النعمة ، لاقترانه بالشكر ( اللهم إياك نعبد ) قال الجوهري : معنى العبادة : الطاعة والخضوع والتذلل و لا يستحقه إلا الله تعالى قال الفخر إسماعيل : العبادة ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي وسمي العبد عبدا لذله وانقياده لمولاة ( ولك نصلي ونسجد ) لا لغيرك ( وإليك نسعى ) يقال : سعى يسعى سعيا إذا عدا . وأبو البقاء
وقيل : إذا كان بمعنى الجري عدي بإلى ، وإذا كان بمعنى العمل فباللام لقوله تعالى [ ص: 419 ] { وسعى لها سعيها } ( ونحفد ) بفتح النون ويجوز ضمها يقال : حفد بمعنى أسرع ، وأحفد لغة فيه فمعنى نحفد نسرع ، أي نبادر بالعمل والخدمة ( نرجو ) أي نؤمل ( رحمتك ) سعة عطائك ( ونخشى ) نخاف ( عذابك ) أي عقوبتك لقوله تعالى { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم } ( إن عذابك الجد ) بكسر الجيم : الحق لا اللعب ( بالكفار ملحق ) بكسر الحاء أي لاحق بهم ويجوز فتحها لغة على معنى : أن الله تعالى يلحقه بهم وهو معنى صحيح قال في الشرح والمبدع : غير أن الرواية هي الأولى .
وهذا الدعاء قنت به رضي الله عنه وفي أوله بسم الله الرحمن الرحيم وفي آخره " اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك " وهاتان سورتان في مصحف عمر أبي قال كتبهما ابن سيرين أبي في مصحفه إلى قوله " ملحق " زاد غير واحد " ونخلع ونترك من يكفرك " ( اللهم اهدنا فيمن هديت ) أصل الهدى : الرشاد والبيان : قال تعالى " { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } " فأما قوله تعالى { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } فهي من الله تعالى : التوفيق والإرشاد وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب التثبيت عليها ، وبمعنى المزيد منها ( وعافنا فيمن عافيت ) من الأسقام والبلايا والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك ( وتولنا فيمن توليت ) الولي : ضد العدو من تليت الشيء إذا عنيت به ونظرت إليه كما ينظر الولي في مال اليتيم ; لأنه تعالى ينظر في أمر وليه بالعناية ويجوز أن يكون من وليت الشيء ، إذا لم يكن بينك وبينه واسطة ، بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله تعالى ، حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو مقام الإحسان ( وبارك لنا ) البركة الزيادة ، وقيل : هي حلول الخير الإلهي في الشيء ( فيما أعطيت ) أي أنعمت به ( وقنا شر ما قضيت ، إنك سبحانك تقضي ولا يقضى عليك ) سبحانه لا راد لأمره ، ولا معقب لحكمه فإنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ( إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ) رواه ولفظه له وتكلم فيه ، أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث { الحسن بن علي قال علمني النبي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني - إلى - وتعاليت وليس فيه ولا يعز من عاديت } ورواه وأثبتها [ ص: 420 ] فيه وتبعه المؤلف وغيره والرواية إفراد الضمير وجمعها المؤلف ; لأن الإمام يستحب له أن يشارك المأموم في الدعاء . البيهقي
وفي الرعاية : " لك الحمد على ما قضيت نستغفرك اللهم ونتوب إليك لا لجأ ولا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك " " اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك ، وبك منك " قال : في هذا معنى لطيف وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه وهما ضدان ومتقابلان وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة ، لجأ إلى من لا ضد له وهو الله أظهر العجز ، والانقطاع وفزع منه إليه فاستعاذ به منه قال الخطابي : لا ينبغي أن يقول في دعائه : أعوذ بك منك إذ حاصله أعوذ بالله من الله وفيه نظر إذ هو ثابت في الخبر ( لا نحصي ثناء عليك ) أي لا نحصي نعمك والثناء بها عليك ولا نبلغه ولا نطيقه ولا منتهى غايته . ابن عقيل
والإحصاء : العد والضبط والحفظ قال تعالى { علم أن لن تحصوه } أي تطيقوه ( أنت كما أثنيت على نفسك ) اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء ورد إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا كما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته ، لا نهاية للثناء عليه ; لأنه تابع للمثنى عليه روي { } رواه الخمسة ورواته ثقات قال في الشرح : ويقول في قنوت الوتر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو معنى ما نقله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك أبو الحارث يدعو بما شاء ، واقتصر جماعة على دعاء اللهم اهدنا وظاهره : أنه يستحب ، وإن لم يتعين واختاره ونقل أحمد المروزي : أنه يستحب بالسورتين وأنه لا توقيت ( ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ) نص عليه ( ولا بأس ) أن يقول ( وعلى آله ولا بأس أن يدعو في قنوته بما شاء غير ما تقدم نصا قال أبو بكر مهما دعا به جاز ) .
وتقدم ما فيه ( ويرفع يديه إذا أراد السجود ) نص عليه ; ; لأنه مقصود في القيام فهو كالقراءة ( ويمسح وجهه بيديه ) لما روى عن أبيه { السائب بن يزيد } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه ومسح بهما وجهه أبو داود من رواية و ( كخارج الصلاة والمأموم يؤمن بلا قنوت ) إن سمع وإن لم يسمع دعا نص عليه ( ويفرد المنفرد الضمير ) لما تقدم ( وإذا سلم ) من [ ص: 421 ] الوتر ( سن قوله سبحان الملك القدوس ثلاثا يرفع صوته في الثالثة ) للخبر رواه ابن لهيعة عن أحمد . عبد الرحمن بن أبزى