الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              إحياء دور الوقف لتحقيق التنمية

              الدكتور / أسامة عبد المجيد العاني

              - المطلب الثاني: الوقف على المعلمين والمتعلمين:

              ساعد الوقف وبشكل فعال في تقدم العلوم والمعارف المتنوعة من خلال تكفله في حالات كثيرة بصرف استحقـاقات للمعلمين في المدارس والمساجد الموقوفة، مما جعل هؤلاء المعلمين يحصلون على عيش كريم بالاعتماد على ما تدره الأموال الموقوفة، عليهم، حيث استطاعوا أن يستقلوا ويتفرغوا لهذا العمل.

              فبعض الأوقاف شملت الإنفاق على المدارس بما تتطلبه من مصروفات للعاملين من معلمين وخدم وتجهيزات وغيرها، بينما خصص بعضها للصرف على المعلمين فقط، كما خصصت بعض الأوقاف للصرف على الفقهاء الذين يؤمون المساجين ويعلمونهم ويصلحونهم ليخرج هؤلاء من السجن متقنين لعلم من العلوم [1] .

              وتتفاوت المستحقات التي كانت تدفع للمعلمين حسب الأموال الموقوفة المخصصة وحسب مكانة المدرسة والمعلم.

              ومن الجانب الآخر، شجع الوقف المتعلمين على الانخراط في التعليم، والاستفادة من التسهيلات التي وفرت في المسـاجد والمدارس والمكتبات، من خلال تكفله بتأمين احتياجات المتعلمين من اللوازم الدراسـية المختلفة؛ [ ص: 183 ] حيث خصـصت بعض الأوقاف لتعليم الطلاب والصرف عليهم مجـانا وإسـكانهم في الأقسـام الداخـلية، التي كانت إما بداخـل المـدارس أو في أقسام داخلية منفصلة.

              والإيقاف على التعليم، يستوي في الاستفادة منه الصغير والكبير، والغني والفقير، فلا يحرم منه أحد بل يستفيد منه كل من طلب العلم، ويرحل الكثير من طلاب العلم إلى أماكن هذه الأوقاف لطلب العلم، كما حدث في القاهرة، حيث أدت التسهيلات إلى أن يفد إلى القاهرة طلاب علم وعلماء من مغرب العالم الإسلامي ومشرقه، كما كانت القدس محط رحال الكثير من العلماء والطلبة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي نتيجة لوجود المسجد الأقصى، الذي كان منارة للعلم، كما أن بعض الأوقاف عنيت بتعليم الفقراء وذلك بتدريسهم وإسكانهم ومعالجتهم.

              وعندما زار الرحالة ابن جبير المشرق ورأى تعدد المدارس والأوقاف، التي تنفق عليها بوفرة مما شجع طلاب العلم على الاستمرار، ناشد أبناء المغرب أن يرحلوا إلى ديار المشرق لتلقي العلم، إذ نجده يقول: «تكثر الأوقاف على طلاب العلم في البلاد الشرقية كلها وبخاصة دمشق، فمن شاء الفلاح من أبناء مغربنا فليرحل إلى هذه البلاد فيجد الأمور المعينة على طلب العلم كثيرة، وأقلها فراغ البال من أمر المعيشة» [2] . [ ص: 184 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية