1443 - مسألة : ومن
nindex.php?page=treesubj&link=22916_22942_22919_22915قال حين يبيع أو يبتاع : لا خلابة ؟ فله الخيار ثلاث ليال بما في خلالهن من الأيام ، إن شاء رد بعيب أو بغير عيب ، أو بخديعة أو بغير خديعة ، وبغبن أو بغير غبن ، وإن شاء أمسك - : فإذا انقضت الليالي الثلاث بطل خياره ولزمه البيع ، ولا رد له ، إلا من عيب إن وجد والليالي الثلاث مستأنفة من حين العقد ، فإن بايع قبل غروب الشمس - بقليل أو كثير ولو من حين طلوعها - : فإنه يستأنف الثلاث مبتدئة وله الخيار أيضا في يومه ذلك .
وإن بايع بعد غروب الشمس فله الخيار من حينئذ إلى مثل ذلك الوقت من الليلة الرابعة - :
حدثنا
حمام نا
عباس بن أصبغ نا
محمد بن عبد الملك بن أيمن نا
nindex.php?page=showalam&ids=16905محمد بن إسماعيل الترمذي نا
الحميدي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50595 : إن منقذا سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة فخبلت لسانه ، فكان إذا بايع خدع في البيع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بايع وقل : لا خلابة ثم أنت بالخيار } .
[ ص: 315 ] نا
أحمد بن قاسم أنا
أبو قاسم بن محمد بن قاسم أنا جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ أنا
محمد بن وضاح [ ص: 316 ] نا
حامد بن يحيى البلخي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50596 : إن منقذا سفع في رأسه مأمومة في الجاهلية فخبلت لسانه فكان يخدع في البيع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بع ، وقل : لا خلابة ، ثم أنت بالخيار ثلاثا من بيعك } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فسمعته يقول إذا بايع : لا خلابة لا خلابة . 1444 - .
مسألة : فإن لم يقدر على أن يقول " لا خلابة " قالها كما يقدر لآفة بلسانه أو لعجمة ، فإن عجز جملة قال بلغته ما يوافق معنى " لا خلابة " وله الخيار المذكور ، أحب البائع أم كره .
برهان ذلك - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50597أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر منقذا أن يقولها ، وقد علم أنه لا يقول إلا : لا خذابة } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
1445 - مسألة : فإن رضي في الثلاث وأسقط خياره لزمه البيع ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل له الخيار ثلاثا ، فلو كان لا يلزمه الرضا إن رضي في الثلاث لكان إنما جعل له عليه السلام الخيار في الرد فقط لا في الرضا - وهذا باطل ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمل له الخيار فكان عموما لكل ما يختار من رضا أو رد .
ولو كان الخيار لا ينقطع بإسقاطه إياه وإقراره بالرضا لوجب أيضا ضرورة أن لا ينقطع خياره وإن رد البيع حتى ينقضي الثلاث وهذا محال - : فظاهر اللفظ ومعناه : أن له الخيار مدة الثلاث إن شاء رد فيبطل البيع ولا رضا له بعد الرد ، وإن شاء رضي فيصح البيع ولا رد له بعد الرضا - : لا يحتمل أمره عليه السلام غير هذا أصلا فإن لم يلفظ بالرضا ولا بالرد : لم يجز أن يجبر على شيء من ذلك ، وبقي على خياره إلى انقضاء الثلاث - إن شاء رد وإن شاء أمسك - فإن انقضت الثلاث ولم يرد فقد لزمه البيع ; لأنه
[ ص: 317 ] بيع صحيح جعل له الخيار في رده ثلاثا ، لا أكثر - فإن لم يبطله فلا إبطال له بعد الثلاث ، إلا من عيب كسائر البيوع ، وبقي البيع بصحته لم يبطل - وبالله تعالى التوفيق . 1446 - .
مسألة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=22916قال لفظا غير " لا خلابة " لكن أن يقول : لا خديعة ، أو لا غش ، أو لا كيد ، أو لا غبن ، أو لا مكر ، أو لا عيب ، أو لا ضرر ، أو على السلامة ، أو لا داء ، ولا غائلة ، أو لا خبث ، أو نحو هذا - : لم يكن له الخيار المجعول لمن قال : لا خلابة ، لكن إن وجد شيئا مما بايع على أن لا يعقد بيعه عليه : بطل البيع ، وإن لم يجده لزمه البيع .
برهان ذلك - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر في الديانة بأمر ، ونص فيه بلفظ ما : لم يجز تعدي ذلك اللفظ إلى غيره - وسواء كان في معناه أو لم يكن - ما دام قادرا على ذلك اللفظ ، إلا بنص آخر يبين أن له ذلك ; لأنه عليه السلام قد حد في ذلك حدا فلا يحل تعديه ؟ قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى }
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه }
ولو جاز غير هذا لجاز الأذان بأن يقول : العزيز أجل ، أنت لنا رب إلا الرحمن ، أنت ابن عبد الله بن عبد المطلب مبعوث من الرحمن ، هلموا [ إلى ] نحو الظهر ، هلموا نحو البقاء ، العزيز أعظم ، ليس لنا رب إلا الرحيم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : من أذن هكذا فحقه أن يستتاب ؟ فإن تاب وإلا قتل ; لأنه مستهزئ بآيات الله عز وجل متعد لحدود الله .
ولا فرق بين ما ذكرناه وبين ما أمر به عليه السلام في ألفاظ الصلاة ، والأذان ، والإقامة ، والتلبية ، والنكاح ، والطلاق ، وسائر الشريعة ، وعلى المفرق الدليل ؟ وإلا فهو مبطل .
وأما من أجاز
nindex.php?page=treesubj&link=1468_22683مخالفة الألفاظ المحدودة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة ، وأجاز تنكيسها ، وقراءة القرآن في الصلاة بالأعجمية - وهو فصيح بالقرآن - : فما عليه أن يقول بتنكيس الصلاة ؟ فيبدؤها بالتسليم ، ثم بالقعود ، والتشهد ، ثم بالسجود ، ثم
[ ص: 318 ] بالركوع ، ثم بالقيام ، ثم بالتكبير ويقرأ في الجلوس ، ويتشهد في القيام ، وأن يصوم الليل في رمضان ، ويفطر النهار ، ويحيل الحج ، ويبدل ألفاظ القرآن بغيرها مما هو في معناها ، ويقدم ألفاظه ويؤخرها ما لم يفسد المعنى ، ويكتب المصحف كذلك ، ويقرأ في الصلاة كذلك ، ويقرئ الناس كذلك ، ويبدل الشرائع - ونحن نبرأ إلى الله تعالى من ذلك ، ومن أن نتعدى شيئا مما حده لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا ، لا علم لنا إلا ما علمنا - ونحمد الله كثيرا على ذلك .
وقد وافقنا كثير من مخالفينا أن لفظ " البيع " لا ينوب عن لفظ " السلم " وهذا "
منقذ " المأمور باللفظ المذكور لم ير أن يتعداه إلى غيره ، وإن كان في معناه - بل قاله كما أمر ، وكما قدر ، وكما كلف .
ونسأل المخالف لنا في هذا عن الفرق بين الألفاظ المأمور بها في الأحكام وبين الأوقات المأمور بها في الأحكام ، وبين المواضع المأمور بها في الأحكام ، وبين الأحوال والأعمال المأمور بها في الأحكام ، ولا سبيل له إلى فرق أصلا ، فإن سوى بين الجميع في الإيجاب وفق - وهو قولنا - وإن سوى بين الجميع في جواز التبديل - : كفر ، بلا خلاف ، وبدل الدين كله ، وخرج عنه .
وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50598علم النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب دعاء يقوله ، وفيه آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت فذهب nindex.php?page=showalam&ids=48البراء يستذكره فقال : وبرسولك الذي أرسلت ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم ونبيك الذي أرسلت } فلم يدعه أن يبدل لفظة مكان التي أمره بها ، والمعنى واحد .
ومن أعجب وأضل ممن يجيز
nindex.php?page=treesubj&link=16028تبديل لفظ أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول : إن قال الشاهد : أخبرك أو أعلمك بأني أعلم أن لهذا عند هذا دينارا : أنها ليست شهادة ، ولا يحكم بها حتى يقول : أشهد ، فاعجبوا لعكس هؤلاء القوم للحقائق ؟
وأما الألفاظ الأخر فهي ألفاظ معروفة المعاني بايع عليها فله ما بايع عليه إن وجده كذلك ; لأنه مما تراضيا عليه ، كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم }
فإن وجد غير ما تراضيا به في بيعه ، فلم يجد ما باع ولا ما ابتاع ، وليس له غير
[ ص: 319 ] ذلك ، فلا يحل له من مال غيره ما لم يبايعه فيه عن تراض منهما ، وهذا بين - وبالله تعالى التوفيق . -
1443 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22916_22942_22919_22915قَالَ حِينَ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ : لَا خِلَابَةَ ؟ فَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَ لَيَالٍ بِمَا فِي خِلَالِهِنَّ مِنْ الْأَيَّامِ ، إنْ شَاءَ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِ عَيْبٍ ، أَوْ بِخَدِيعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ خَدِيعَةٍ ، وَبِغَبْنٍ أَوْ بِغَيْرِ غَبْنٍ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ - : فَإِذَا انْقَضَتْ اللَّيَالِي الثَّلَاثُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ ، وَلَا رَدَّ لَهُ ، إلَّا مِنْ عَيْبٍ إنْ وُجِدَ وَاللَّيَالِي الثَّلَاثُ مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ، فَإِنْ بَايَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ - بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَوْ مِنْ حِينِ طُلُوعِهَا - : فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الثَّلَاثَ مُبْتَدِئَةً وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ .
وَإِنْ بَايَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَهُ الْخِيَارُ مِنْ حِينَئِذٍ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ - :
حَدَّثَنَا
حُمَامٌ نا
عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16905مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ نا
الْحُمَيْدِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50595 : إنَّ مُنْقِذًا سُفِعَ فِي رَأْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَأْمُومَةً فَخَبَلَتْ لِسَانَهُ ، فَكَانَ إذَا بَايَعَ خُدِعَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَايِعْ وَقُلْ : لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ } .
[ ص: 315 ] نا
أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ أَنَا
أَبُو قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ أَنَا جَدِّي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ [ ص: 316 ] نا
حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50596 : إنَّ مُنْقِذًا سُفِعَ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَخَبَلَتْ لِسَانَهُ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِعْ ، وَقُلْ : لَا خِلَابَةَ ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ بَيْعِكَ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : فَسَمِعْته يَقُولُ إذَا بَايَعَ : لَا خِلَابَةَ لَا خِلَابَةَ . 1444 - .
مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَقُولَ " لَا خِلَابَةَ " قَالَهَا كَمَا يَقْدِرُ لِآفَةٍ بِلِسَانِهِ أَوْ لِعُجْمَةٍ ، فَإِنْ عَجَزَ جُمْلَةً قَالَ بِلُغَتِهِ مَا يُوَافِقُ مَعْنَى " لَا خِلَابَةَ " وَلَهُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ ، أَحَبَّ الْبَائِعُ أَمْ كَرِهَ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50597أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُنْقِذًا أَنْ يَقُولَهَا ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ إلَّا : لَا خِذَابَةَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } .
1445 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ رَضِيَ فِي الثَّلَاثِ وَأَسْقَطَ خِيَارَهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثًا ، فَلَوْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا إنْ رَضِيَ فِي الثَّلَاثِ لَكَانَ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ فَقَطْ لَا فِي الرِّضَا - وَهَذَا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمَلَ لَهُ الْخِيَارَ فَكَانَ عُمُومًا لِكُلِّ مَا يَخْتَارُ مِنْ رِضًا أَوْ رَدٍّ .
وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَا يَنْقَطِعُ بِإِسْقَاطِهِ إيَّاهُ وَإِقْرَارِهِ بِالرِّضَا لَوَجَبَ أَيْضًا ضَرُورَةَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ خِيَارُهُ وَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الثَّلَاثُ وَهَذَا مُحَالٌ - : فَظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ : أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مُدَّةَ الثَّلَاثِ إنْ شَاءَ رَدَّ فَيَبْطُلَ الْبَيْعُ وَلَا رِضَا لَهُ بَعْدَ الرَّدِّ ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ فَيَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَا رَدَّ لَهُ بَعْدَ الرِّضَا - : لَا يَحْتَمِلُ أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرَ هَذَا أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالرِّضَا وَلَا بِالرَّدِّ : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَبَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ إلَى انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ - إنْ شَاءَ رَدَّ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ - فَإِنْ انْقَضَتْ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَرُدَّ فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ
[ ص: 317 ] بَيْعٌ صَحِيحٌ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ ثَلَاثًا ، لَا أَكْثَرَ - فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ فَلَا إبْطَالَ لَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ ، إلَّا مِنْ عَيْبٍ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ ، وَبَقِيَ الْبَيْعُ بِصِحَّتِهِ لَمْ يَبْطُلْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . 1446 - .
مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22916قَالَ لَفْظًا غَيْرَ " لَا خِلَابَةَ " لَكِنْ أَنْ يَقُولَ : لَا خَدِيعَةَ ، أَوْ لَا غِشَّ ، أَوْ لَا كَيْدَ ، أَوْ لَا غَبْنَ ، أَوْ لَا مَكْرَ ، أَوْ لَا عَيْبَ ، أَوْ لَا ضَرَرَ ، أَوْ عَلَى السَّلَامَةِ ، أَوْ لَا دَاءَ ، وَلَا غَائِلَةَ ، أَوْ لَا خُبْثَ ، أَوْ نَحْوَ هَذَا - : لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ الْمَجْعُولُ لِمَنْ قَالَ : لَا خِلَابَةَ ، لَكِنْ إنْ وَجَدَ شَيْئًا مِمَّا بَايَعَ عَلَى أَنْ لَا يَعْقِدَ بَيْعُهُ عَلَيْهِ : بَطَلَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَرَ فِي الدِّيَانَةِ بِأَمْرٍ ، وَنَصَّ فِيهِ بِلَفْظٍ مَا : لَمْ يَجُزْ تَعَدِّي ذَلِكَ اللَّفْظِ إلَى غَيْرِهِ - وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مَعْنَاهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ - مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ ، إلَّا بِنَصٍّ آخَرَ يُبَيِّنُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَلَا يَحِلُّ تَعَدِّيهِ ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى }
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }
وَلَوْ جَازَ غَيْرُ هَذَا لَجَازَ الْأَذَانُ بِأَنْ يَقُولَ : الْعَزِيزُ أَجَلْ ، أَنْتَ لَنَا رَبٌّ إلَّا الرَّحْمَنُ ، أَنْتَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَبْعُوثٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ، هَلُمُّوا [ إلَى ] نَحْوِ الظُّهْرِ ، هَلُمُّوا نَحْوَ الْبَقَاءِ ، الْعَزِيزُ أَعْظَمُ ، لَيْسَ لَنَا رَبٌّ إلَّا الرَّحِيمُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : مَنْ أَذَّنَ هَكَذَا فَحَقُّهُ أَنْ يُسْتَتَابَ ؟ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ; لِأَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ بِآيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ ، وَالْأَذَانِ ، وَالْإِقَامَةِ ، وَالتَّلْبِيَةِ ، وَالنِّكَاحِ ، وَالطَّلَاقِ ، وَسَائِرِ الشَّرِيعَةِ ، وَعَلَى الْمُفَرِّقِ الدَّلِيلُ ؟ وَإِلَّا فَهُوَ مُبْطِلٌ .
وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=1468_22683مُخَالَفَةَ الْأَلْفَاظِ الْمَحْدُودَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ، وَأَجَازَ تَنْكِيسَهَا ، وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَعْجَمِيَّةِ - وَهُوَ فَصِيحٌ بِالْقُرْآنِ - : فَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِتَنْكِيسِ الصَّلَاةِ ؟ فَيَبْدَؤُهَا بِالتَّسْلِيمِ ، ثُمَّ بِالْقُعُودِ ، وَالتَّشَهُّدِ ، ثُمَّ بِالسُّجُودِ ، ثُمَّ
[ ص: 318 ] بِالرُّكُوعِ ، ثُمَّ بِالْقِيَامِ ، ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ وَيَقْرَأُ فِي الْجُلُوسِ ، وَيَتَشَهَّدُ فِي الْقِيَامِ ، وَأَنْ يَصُومَ اللَّيْلَ فِي رَمَضَانَ ، وَيُفْطِرَ النَّهَارَ ، وَيُحِيلَ الْحَجَّ ، وَيُبَدِّلَ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ بِغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهَا ، وَيُقَدِّمَ أَلْفَاظَهُ وَيُؤَخِّرَهَا مَا لَمْ يَفْسُدْ الْمَعْنَى ، وَيَكْتُبَ الْمُصْحَفَ كَذَلِكَ ، وَيَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ كَذَلِكَ ، وَيُقْرِئَ النَّاسَ كَذَلِكَ ، وَيُبَدِّلَ الشَّرَائِعَ - وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ ، وَمِنْ أَنْ نَتَعَدَّى شَيْئًا مِمَّا حَدَّهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْنَا ، لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمَنَا - وَنَحْمَدُ اللَّهَ كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ .
وَقَدْ وَافَقَنَا كَثِيرٌ مِنْ مُخَالِفِينَا أَنَّ لَفْظَ " الْبَيْعِ " لَا يَنُوبُ عَنْ لَفْظِ " السَّلَمِ " وَهَذَا "
مُنْقِذٌ " الْمَأْمُورُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَرَ أَنْ يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ - بَلْ قَالَهُ كَمَا أَمَرَ ، وَكَمَا قَدَّرَ ، وَكَمَا كُلِّفَ .
وَنَسْأَلُ الْمُخَالِفَ لَنَا فِي هَذَا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَبَيْنَ الْأَوْقَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ ، وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ ، وَبَيْنَ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى فَرْقٍ أَصْلًا ، فَإِنْ سَوَّى بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي الْإِيجَابِ وُفِّقَ - وَهُوَ قَوْلُنَا - وَإِنْ سَوَّى بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي جَوَازِ التَّبْدِيلِ - : كَفَرَ ، بِلَا خِلَافٍ ، وَبَدَّلَ الدِّينَ كُلَّهُ ، وَخَرَجَ عَنْهُ .
وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50598عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ دُعَاءً يَقُولُهُ ، وَفِيهِ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَذَهَبَ nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ يَسْتَذْكِرُهُ فَقَالَ : وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ؟ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ } فَلَمْ يَدَعْهُ أَنْ يُبَدِّلَ لَفْظَةً مَكَانَ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .
وَمَنْ أَعْجَبُ وَأَضَلُّ مِمَّنْ يُجِيزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16028تَبْدِيلَ لَفْظٍ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَقُولُ : إنْ قَالَ الشَّاهِدُ : أُخْبِرُك أَوْ أُعْلِمُك بِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا دِينَارًا : أَنَّهَا لَيْسَتْ شَهَادَةً ، وَلَا يَحْكُمُ بِهَا حَتَّى يَقُولَ : أَشْهَدُ ، فَاعْجَبُوا لِعَكْسِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لِلْحَقَائِقِ ؟
وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الْأُخَرُ فَهِيَ أَلْفَاظٌ مَعْرُوفَةُ الْمَعَانِي بَايَعَ عَلَيْهَا فَلَهُ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ إنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مِمَّا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ }
فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ مَا تَرَاضَيَا بِهِ فِي بَيْعِهِ ، فَلَمْ يَجِدْ مَا بَاعَ وَلَا مَا ابْتَاعَ ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ
[ ص: 319 ] ذَلِكَ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُبَايِعْهُ فِيهِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا ، وَهَذَا بَيِّنٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . -