1551 - مسألة : جائز ، وتبطل الكتابة بذلك ، فإن أدى منها شيئا حرم بيع ما قابل منه ما أدى ، وجاز بيع ما قابل منه ما لم يؤد ، وبطلت الكتابة فيما بيع منه ، وبقي ما قابل منه ما أدى حرا - مثل أن يكون أدى عشر كتابته ، فإن عشره حر - ويجوز بيع تسعة أعشاره ، وهكذا في كل جزء - كثر أو قل - وهذا مكان اختلف الناس فيه ، فقالت طائفة : المكاتب عبد ما بقي عليه ولو درهم من كتابته أو أقل ، وبيعه جائز ما دام عبدا وتنتقض الكتابة بذلك ، والمكاتب عندهم معتق بصفة - وهذا قول وبيع المكاتب قبل أن يؤدي شيئا من كتابته وأصحابنا . أبي سليمان
وقالت طائفة : المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم أو أقل ، إلا أنه لا يحل بيعه إلا أن يعجز - وهو قول ، أبي حنيفة ، ومالك - وهذا قول ظاهر التناقض ; لأنه كان عبدا فبيعه جائز ما لم يأت بنص بالمنع من بيعه ، ولا نص في ذلك . والشافعي
[ ص: 527 ] وذهب قوم إلى أنه إن أدى ربع كتابته فهو حر - وهو غريم يتبع بما بقي عليه منها - : روينا من طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم المغيرة ، قال : سمعت إبراهيم ، والشعبي يقولان : كان يقول في ابن مسعود فهو غريم لا يسترق . المكاتب إذا أدى ربع قيمته
وكان يقول : هو عبد ما بقي عليه درهم . زيد بن ثابت
وقال : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ، ويرق منه بقدر ما بقي ، ويرث بقدر ذلك ، ويحجب بقدر ذلك . علي بن أبي طالب
ومن طريق عن سفيان بن عيينة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عمه عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال : قال جابر بن سمرة : تكاتبون مكاتبين فأيهم - ما - أدى الشطر فلا رق عليه . عمر بن الخطاب
وروي عن أيضا : إذ أدى الثلث فهو غريم . ابن مسعود
ومن طريق نا وكيع عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر كان يقال : إذا أدى المكاتب الربع فهو غريم . إبراهيم
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج إذا بقي على المكاتب ربع كتابته وأدى سائرها فهو غريم ، ولا يعود عبدا . عطاء
ومن طريق عن عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار قال : قال يحيى بن أبي كثير : إذا بقي على المكاتب خمس أواق : أو خمس ذود ، أو خمسة أوسق : فهو غريم - وروي عنه أيضا إذا أخذ الصك فهو غريم . ابن عباس
وبكل هذه الأقوال قالت طائفة من العلماء .
قال : الحجة عند التنازع هو ما أمر الله - تعالى - بالرجوع إليه - إن كنا مؤمنين - من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . علي
روينا من طريق نا البخاري نا قتيبة - عن الليث هو ابن سعد ابن شهاب عن عن عروة بن الزبير أخبرته { عائشة أم المؤمنين بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت منها شيئا ، فقالت لها : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت ؟ فذكرت ذلك عائشة بريرة لأهلها ؟ فأبوا وقالوا : إن شاءت أن [ ص: 528 ] تحتسب عليك فلتفعل ، ويكون لنا ولاؤك ؟ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاعي وأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق } . أن
ومن طريق نا البخاري نا خلاد بن يحيى عبد الواحد بن أيمن المكي عن أبيه قال : دخلت على فقالت : { عائشة بريرة وهي مكاتبة فقالت : يا أم المؤمنين اشتريني فإن أهلي يبيعوني فأعتقيني ؟ فقالت : نعم ، فقالت : إن أهلي لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي ؟ فقالت : لا حاجة لي فيك ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه فقال : ما شأن بريرة اشتريها فأعتقيها وليشترطوا ما شاءوا ؟ قالت فاشتريتها فأعتقتها وذكرت باقي الخبر } . دخلت علي
فأمر بيع بريرة وهي مكاتبة - على تسع أواقي في تسع سنين ، كل سنة أوقية ، أشهر من الشمس ، وأنها لم تكن أدت بعد من كتابتها شيئا ، وأنها بيعت كذلك ، وأن أهلها عرضوها للبيع - وهي مكاتبة - بعلم النبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك عليهم ، بل أمر بشرائها وعتقها والولاء لمن أعتقها ، وهذا ما لا مخلص منه ، فبلحوا عندها - : فقالت طائفة : إنها كانت عجزت - وهذا كذب بحت مجرد ، ما روى قط أحد أنها كانت عجزت ، ولا جاء ذلك عنها في الخبر ، وأين العجز منها وهي في استقبال تسعة أعوام ، بعد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة الأمر تبتاع وتعتق ، ولم تقم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تسعة أعوام فقط . وعائشة
واحتج بعضهم بقول الله تعالى : { أوفوا بالعقود } فقلنا : نعم وهو مأمور بالوفاء بالعقد وليس له نقضه لكن إذا خرج عن ملكه بطل عقده عن غيره لقول الله - تعالى - : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } .
والعجب أن المحتجين بهذا يرون ، ولا يحتجون على أنفسهم ب { الرجوع في العتق في الوصية أوفوا بالعقود } وليس إجماعا فإن لا يرى الرجوع في العتق والوصية ، وكلهم يجيز بيع العبد يقول له سيده : إن جاء أبي فأنت [ ص: 529 ] حر ، ويبطلون بيعه بهذا العقد ، ولا يجيزون له في العقد بغير إخراجه عن ملكه فظهر عظيم تناقضهم ، وفساد قولهم . سفيان الثوري
فإن ذكر ذاكر الآثار التي جاءت { } فإنها كلها ساقطة - : أحدها - من طريق المكاتب عبد ما بقي عليه درهم عن أبيه عن جده ، وهي صحيفة ، وكم خالفوا هذه الطريق إذا خالفت مذهبهم . عمرو بن شعيب
والآخر - من طريق عن عطاء بن السائب ابن عمرو بن العاص ولا سماع له منه - والحديث منقطع .
ثم لو صح لما كان فيهما إلا تحديد : أنه عبد ما بقي عليه عشر مكاتبته أو عشر عشرها .
وخبر موضوع من طريق مكذوب - فسقطت كلها . ابن عمر
وأما إذا أدى شيئا من كتابته فلما رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا أحمد بن عيسى الدمشقي نا أنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة ، قتادة ، قال وأيوب السختياني : عن قتادة خلاس عن ، وقال علي بن أبي طالب أيوب عن عكرمة عن ، ثم اتفق ابن عباس ، علي ، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { وابن عباس } . المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ويقام عليه الحد بقدر ما عتق منه ويورث بقدر ما عتق منه
قال : وهذا إسناد في غاية الصحة ، وما نعلم أحدا عابه إلا بأنه قد أرسله بعض الناس فكان هذا عجبا لأن المعترضين بهذا يقولون : إن المرسل أقوى من المسند ، أو مثله ، فالآن صار إرسال من أرسل يبطل ، ويبطل به الإسناد ممن أسنده ، وما يسلك في دينه هذه الطريق إلا من لا دين له ، ولا حياء - ونعوذ بالله من الخذلان . علي