2028 - مسألة : مائة من الإبل ، فإن عدمت فقيمتها لو وجدت في موضع الحكم - بالغة ما بلغت - من أوسط الإبل - بالغة ما بلغت - وهي في الخطأ على عاقلة القاتل . والدية في العمد والخطأ
وأما في العمد فهي في مال القاتل وحده وهي في كل ذلك حالة العمد والخطأ سواء لا أجل في شيء منها ، فمن لم يكن له مال ولا عاقلة ، فهي في سهم الغارمين في الصدقات - وكذلك من لم يعرف قاتله ، والدية في العمد ، والخطأ : أخماس ولا بد : عشرون بنت مخاض ، وعشرون بني لبون ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة لا تكون ألبتة من غير الإبل الحاضرة والبادية سواء ، فلو تطوع الغارم بأن يعطيها كلها إناثا فحسن ، وكذلك إذا أعطاها أرباعا لا أكثر .
وأما قولنا : " إن مائة من الإبل فلقول الله عز وجل : { الدية في العمد والخطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } .
والخبر الثابت الذي قد أوردناه قبل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقاد وإما أن يأخذ العقل
ومن طريق ، أبي هريرة وأبي شريح الكعبي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصح وجوب الدية في العمد والخطأ ، ولا يمكن ألبتة أن يعلم معنى ما أمر الله عز وجل به ورسوله عليه الصلاة والسلام إلا من بيان القرآن ، أو السنة قال الله عز وجل : { لتبين للناس ما نزل إليهم } وليست لفظة " العقل ، والدية " من الألفاظ التي لها مقدار محدود في اللغة ، أو جنس محدود في اللغة ، أو أمد محدود في اللغة ، فوجب الرجوع في كل ذلك إلى النص ، فطلبنا ذلك ؟ فوجدنا الخبر الثابت المشهور الذي رويناه من طريق أنا مسلم محمد بن عبد الله بن نمير أنا أبي أنا سعيد بن عبيد أنا بشير بن يسار الأنصاري عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري : أنه أخبره { خيبر فتفرقوا فيها ، فوجدوا أحدهم قتيلا وساق الحديث ، وفيه فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة } . أن نفرا منهم انطلقوا إلى
[ ص: 283 ] ومن طريق قال : حدثني مالك بن أنس أبو ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم ، فأتى محيصة ، فأخبر : أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في عين أو فقير فأتى يهود ؟ فقال : أنتم والله قتلتموه ؟ قالوا : والله ما قتلناه - فذكر الخبر ، وفي آخره " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب فذكر كلاما ، وفي آخره { } . فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة حتى أدخل عليهم الدار ، فلقد ركضتني منها ناقة حمراء
قال رضي الله عنه : فصح أن الدية مائة من الإبل ، وهذا حكم منه عليه الصلاة والسلام في دية حضري ادعى على حضريين ، لا في بدوي ، فبطل أن تكون الدية من غير الإبل . أبو محمد
وأيضا فقد صح أن الإجماع متيقن على أن الدية تكون من الإبل .
واختلفوا في هل تكون من غير ذلك ؟ والشريعة لا يحل أخذها باختلاف لا نص فيه .
فإن قيل : فما وجه إعطائه صلى الله عليه وسلم الدية في هذا الخبر من إبل الصدقة ولم يدع القتل إلا على يهود ؟ قلنا : وجه ذلك بين لا خفاء به ، وهو أن عبد الله بن سهل - رضي الله عنه - قد صح قتله بلا شك ، ثم لا شك في أنه قتل عمدا أو خطأ ، لا بد من أحدهما ، والدية واجبة في الخطأ بكل حال بنص القرآن ، وواجبة في العمد إذا بطل القود لما قدمنا من أن لوليه القود وقد بطل ، أو الدية وهي ممكنة ، والقود هاهنا قد بطل ; لأنه لا يعرف قاتله فصحت الدية فيه بكل حال .
ثم لا بد - ضرورة - من أن يكون قاتله مسلما أو غير مسلم ، ولسنا على يقين من أن قاتله غير مسلم ، والناس كلهم محمولون على الإسلام حتى يصح من أحد منهم كفر .
لقول الله عز وجل : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها } .
[ ص: 284 ] ولقوله عز وجل : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } .
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه : { كل مولود يولد على الملة وعلى هذه الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ويشركانه } .
وللخبر الثابت عن عياض بن حمار المجاشعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال : { } . خلقت عبادي كلهم حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم
وقد ذكرنا كل ذلك بإسناده في " كتاب الجهاد " وغيره .
فالواجب أن يحمل قاتل عبد الله على الإسلام ولا بد ، حتى يوقن خلافه - ثم إن كان قاتل عبد الله قتله خطأ فالدية على عاقلته ، وإن كان قتله عمدا فالدية في ماله ؟ فهو غارم أو عاقلته ، وحق الغارمين في الصدقات بنص القرآن ، قال الله عز وجل : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله } فصح بهذا ما قلناه يقينا .
وممن روي عنه أن الدية في الإبل كقولنا ، ولم يرو عنه غير ذلك - : فطائفة كما روينا من طريق أنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي عن ، زيد بن ثابت ، وعلي بن أبي طالب قالوا كلهم : في الدية مائة من الإبل . وعبد الله بن مسعود
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن أبيه قال : في الدية مائة بعير : أو قيمة ذلك من عسره . عبد الله بن طاوس
قال رضي الله عنه : يعني من عسره في وجود الإبل . أبو محمد
ومن طريق أنا عبد الرزاق أنا ابن جريج عن أبيه أنه كان يقول على الناس أجمعين - أهل القرية ، وأهل البادية - مائة من الإبل ، فمن لم يكن عنده إبل فعلى أهل الورق الورق ، وعلى أهل البقر البقر ، وعلى أهل الغنم الغنم ، وعلى أهل البز البز - يعطون من أي صنف كان بقيمة الإبل ما كانت - إن ارتفعت أو انخفضت - قيمتها [ ص: 285 ] يومئذ ، فمن اتقى بالإبل من الناس فهو حق المعقول له الإبل . ابن طاوس
ومن طريق عن عبد الرزاق أن ابن جريج قال له : كانت الدية الإبل حتى كان عطاء بن أبي رباح ، قال عمر فقلت له : فإن شاء القروي أعطى مائة ناقة ، أو مائتي بقرة ، أو ألفي شاة ؟ فقال ابن جريج : إن شاء أعطى الإبل ولم يعط ذهبا - هذا هو الأمر الأول ، لا يتعاقل أهل القرى من الماشية غير الإبل ، هو عقلهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . عطاء
فهذا لم يأخذ قضاء عطاء - وقد عرفه - إذ رأى أنه رأي منه قط ، لم يمضه إلا على من رضيه لنفسه فقط . عمر
ومن طريق أنا إسماعيل بن إسحاق محمد بن المنهال أنا أنا يزيد بن زريع عن شعبة ، قال : في كتاب قتادة الدية مائة بعير - قيمة كل بعير مائة درهم - فهذه صفة منه للإبل . عمر بن عبد العزيز
أنا محمد بن سعيد بن نبات أنا أحمد بن عبد البصير أنا أنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني أنا أنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري المغيرة بن مقسم عن قال : كان يقضى بالإبل في الدية يقوم كل بعير عشرين ومائة درهم . قال إبراهيم النخعي رضي الله عنه : فهذه صفة منه للإبل - وهو قول أبو محمد الذي ثبت عليه - وهو قول الشافعي ، المزني ، وابن المنذر ، وجميع أصحابنا - وخالف ذلك قوم - : فقالت طائفة : الدية على أهل الإبل الإبل ، وعلى أهل الذهب الذهب ، وعلى أهل الورق الورق - ولم يروا أن تكون الدية من غير هذه الأصناف . وأبي سليمان
ثم اختلف هؤلاء - : فقالت طائفة : هي على أهل الورق اثنا عشر ألف درهم .
وقالت طائفة : بل عشرة آلاف درهم .
واتفقت الطائفتان : على أنها على أهل الذهب ألف دينار