معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
.( ولنا ) : { أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على غسل الرجلين } وبه أمر من علمه الوضوء { } ، وفي رواية { ورأى رجلا يلوح عقبه فقال : ويل للأعقاب من النار } ، وكذلك القراءة بالنصب تنصيص على الأمر بالغسل وأنه عطف على اليد ; لأن العطف على المحل لا يجوز في موضع يؤدي إلى الالتباس إنما ذلك في موضع لا يؤدي إلى الاشتباه كما في البيت . والقراءة بالخفض عطف على الأيدي أيضا ، وإنما صار مخفوضا بالمجاورة كما يقال جحر ضب خرب وماء شن بارد أي خرب وبارد . ( فإن قيل : ) الاتباع بالمجاورة مع حرف العطف لم تتكلم به ويل للعراقيب من النار العرب . ( قلنا ) لا كذلك بل جوزوا الاتباع في الفعل مع حرف العطف قال القائل
علفتها تبنا وماء باردا
والماء لا يعلف ولكنه اتباع للمجاورة وكذلك في الإعراب قال جريرفهل أنت إن ماتت أتانك راحل إلى آل بسطام بن قيس فخاطب
وأما الكعب فهو العظم الناتئ المتصل بعظم الساق وهو المفهوم في اللسان إذا قيل ضرب كعب فلان وقال عليه الصلاة والسلام : { ألصقوا الكعاب بالكعاب في الصلاة } ، وفي قوله : { إلى الكعبين } دليل على هذا ; لأن ما يوحد من خلق الإنسان يذكر تثنيته بعبارة الجمع كما قال - تعالى - : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } أي قلباكما وما كان مثنى يذكر تثنيته بعبارة التثنية فلما قال إلى الكعبين عرفنا أنه مثنى في كل رجل ، وذلك العظم الناتئ ، وروى هشام عن رحمه الله أنه قال : المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك ووجهه أن الكعب اسم للمفصل ومنه كعوب الرمح أي مفاصله والذي في وسط القدم مفصل وهو المتيقن به وهذا سهو من محمد هشام لم يرد رحمه الله تعالى تفسير الكعب بهذا في الطهارة ، وإنما أراد في المحرم إذا لم يجد نعلين أنه يقطع خفيه أسفل من الكعبين وفسر الكعب بهذا ، فأما في الطهارة ، فلا شك أنه العظم الناتئ كما فسره في الزيادات فإن توضأ مثنى مثنى أجزأه وإن توضأ مرة سابغة أجزأه وتفسير السبوغ التمام وهو أن يمر الماء على كل جزء من المغسولات جاء في حديث محمد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } ، والأصل فيه ما رواه توضأ مرة مرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر كان كثيرا ما يتوضأ مرة مرة . وقال هذا وضوء لا يقبل الله - تعالى - الصلاة إلا به ، ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين ، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ووضوء خليل الله وعبد الله بن عمر إبراهيم عليه السلام فمن زاد أو نقص فقد تعدى وظلم } ، أي زاد على أعضاء الوضوء أو نقص عنها أو زاد على الحد المحدود أو نقص عنه أو زاد على الثلاث معتقدا أن كمال السنة لا يحصل بالثلاث ، فأما إذا زاد لطمأنينة القلب عند الشك أو بنية وضوء آخر ، فلا بأس به ; لأن الوضوء على الوضوء نور على نور يوم القيامة ، وقد أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه ، ولم يذكر الاستنجاء بالماء هنا ; لأن مقصوده تعليم الوضوء عند القيام من المنام وليس فيه استنجاء ، ولأن الاستنجاء بالماء بعد الإنقاء بالحجر ليس من السنن الراتبة وكان توضأ فغسل وجهه ثلاثا وذراعيه مرتين . رحمه الله يقول : إن هذا شيء أحدث بعد انقضاء عصر الصحابة رضوان الله عليهم ، وربما قال هو طهور النساء والمذهب أنه ليس من السنن الراتبة بل لاكتساب زيادة الفضيلة . جاء في [ ص: 10 ] الحديث أنه لما نزل قوله تعالى : { الحسن البصري فيه رجال يحبون أن يتطهروا } { قباء ما هذه الطهرة التي خصصتم بها فقالوا إنا كنا نتبع الأحجار الماء فقال هو ذاك } ، ولم يذكر فيه مسح الرقبة ، وبعض مشايخنا يقول إنه ليس من أعمال الوضوء والأصح أنه مستحسن في الوضوء قال قال عليه الصلاة والسلام : لأهل رضي الله عنهما امسحوا رقابكم قبل أن تغل بالنار ولم يذكر تحريك الخاتم ولا نزعه وذكر ابن عمر أبو سليمان عن رحمه الله أن نزع الخاتم في الوضوء ليس بشيء والحاصل أنه إن كان واسعا يدخله الماء ، فلا حاجة إلى النزع والتحريك ، وإن كان ضيقا لا يدخل الماء تحته ، فلا بد من تحريكه ، وفي التيمم لا بد من نزعه ولو لم يفعل لا تجزئه صلاته . محمد
ثم سنن الوضوء وآدابه فرقها رحمه الله تعالى في الكتاب فنذكر كل فصل في موضعه - إن شاء الله تعالى - تحرزا عن التطويل محمد