[ ص: 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم باب ميراث ذوي الأرحام
( قال رضي الله عنه ) : اعلم أن رحمه الله ذكر هذا الباب قبل باب الولاء وزعم بعض الفرضيين أنه كان ينبغي له أن يقدم باب الولاء لأن مولى النعمة عصبة مقدم على ذوي الأرحام لكنا نقول إنه أراد أن يبين أحكام الميراث بالقرابة ثم يرتب عليه بيان الميراث بما أقيم مقام القرابة أو لما بين باب الرد وكان الرد بسبب الرحم أعقب ذلك بباب محمدا ; لأن الاستحقاق هنا بالرحم كما أن هناك بالرحم ميراث ذوي الأرحام ولاء عتاقة وولاء موالاة وولاء الموالاة يتأخر عن ذوي الأرحام فلهذا قدم هذا الباب ثم في توريث ذوي الأرحام اختلاف بين الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم والولاء نوعان
فمن قال بتوريثهم من الصحابة رضوان الله عليهم علي وابن مسعود في أشهر الروايات عنه وابن عباس ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء ومن قال بأنهم لا يرثون وأبو عبيدة بن الجراح زيد بن ثابت في رواية عنه ومنهم من روى ذلك عن وابن عباس أبي بكر وعمر ولكن هذا غير صحيح فإنه حكي أن وعثمان المعتضد سأل أبا حازم القاضي عن هذه المسألة فقال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير على توريث ذوي الأرحام ولا يعتد بقوله بمقابلة إجماعهم . وقال زيد بن ثابت أليس إنه يروى ذلك عن المعتضد أبي بكر وعمر ، فقال كلا وقد كذب من روى ذلك عنهم وأمر وعثمان برد ما كان في بيت المال مما أخذ من تركة من كان ورثه من ذوي الأرحام ، وقد صدق المعتضد أبو حازم فيما قال ، وقد روي عن أنه قال : لا أتأسف على شيء كتأسفي على أني لم أسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث عن هذا الأمر أهو فينا فنتمسك به أم في غيرنا فنسلم إليه ، وعن أبي بكر الأنصار هل لهم من هذا الأمر شيء وعن توريث ذوي الأرحام فإني لم أسمع فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولكني ورثتهم برأيي .
وأما الاختلاف بين التابعين فمن قال بتوريثهم [ ص: 3 ] شريح والحسن وابن سيرين وعطاء وممن قال إنهم لا يرثون ومجاهد سعيد بن المسيب رضي الله عنهم وأما الفقهاء فممن قال بتوريثهم وسعيد بن جبير أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وأهل التنزيل رحمهم الله وممن قال لا يرثون وعيسى بن أبان سفيان الثوري ومالك أما من نفى توريثهم استدل بآيات المواريث فقد نص الله تعالى فيها على بيان سبب أصحاب الفرائض والعصبات ولم يذكر لذوي الأرحام شيئا وما كان ربك نسيا وأدنى ما في الباب أن يكون توريث ذوي الأرحام زيادة على كتاب الله وذلك لا يثبت بخبر الواحد والقياس . والشافعي
{ جبريل عليه السلام وأخبرني أن لا ميراث للعمة والخالة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يستخير الله تعالى في ميراث العمة والخالة فنزل عليه الوحي أن لا ميراث لهما } ومن قال بتوريثهم استدل بقوله تعالى { وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة قال : نزل وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } معناه بعضهم أولى من بعض ، وقد بينا أن هذا إثبات الاستحقاق بالوصف العام وأنه لا منافاة بين الاستحقاق بالوصف العام والاستحقاق بالوصف الخاص ففي حق من ينعدم فيه الوصف الخاص يثبت الاستحقاق بالوصف العام فلا يكون ذلك زيادة على كتاب الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم { } وفي حديث آخر قال عليه السلام { الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له } ولما مات الخال وارث من لا وارث له يرثه ويعقل عنه ثابت بن الدحداح رضي الله عنه { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيس بن عاصم المنقري هل تعرفون له فيكم شيئا ، فقال : إنه كان فينا ميتا فلا نعرف له فينا إلا ابن أخت } فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه لابن أخته أي لخاله ابن عبد الله المنذر وتأويل ما روي من نفي ميراث العمة والخالة في حال وجود صاحب فرض أو عصبة والكلام في هذه المسألة من حيث المعنى للفريقين مثل الكلام في مسألة الرد ، وقد بينا ثم ذوي الأرحام الأقارب الذين لا يستحقون شيئا بالفريضة والعصوبة من الذكور والإناث