الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل في ميراث المفقود قال رضي الله عنه : وإنما ألحقنا هذا الفصل بما سبق لاستواء حالهما فالمفقود متردد الحال بين الحياة والموت كالجنين في البطن ، ثم الأصل فيه أن المفقود يجعل حيا في ماله ميتا في مال غيره حتى لا يورث عنه ماله ولا يقسم بين ورثته ما لم يعلم موته ولا يعطى له ميراث أحد من قرابته إذا مات قبل أن يتبين حاله ولكن يوقف نصيب المفقود كما يوقف نصيب الحمل ; لأن حياته كانت معلومة وما علم ثبوته فالأصل بقاؤه إلا أن الحكم بحياته باعتبار استصحاب الحال فهو حجة في إبقاء ما كان على ما كان وليس بحجة في إثبات ما لم يكن ثابتا ; لأن ثبوته لانعدام الدليل المزيل لا لوجود الدليل المنفي فنقول في مال نفسه يجعل حيا لا بقاء ما كان على ما كان ، وفي مال غيره لا تثبت حياته ; لأن الحاجة إلى استحقاق الميراث لدفع استصحاب الحال لا يكفي لذلك ، ثم اختلفت الروايات أنه متى يحكم بموته فعلى ظاهر الرواية قال : إذا لم يبق أحد من أقرانه ، وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة إذا مضى من مولده مائة وعشرون سنة ، وفي رواية أخرى مائة سنة ، وقد بينا هذا في كتاب المفقود ، ثم إذا وقف نصيبه من ميراث غيره فإن ظهر حيا أخذ ذلك ، وإن لم يظهر حاله حتى حكم بموته لم يستحق شيئا مما وقف له بمنزلة الحمل إذا انفصل حيا استحق الميراث ، وإن انفصل ميتا لم يستحق شيئا فإذا مضت مدة يعلم أنه لا يعيش [ ص: 55 ] إلى تلك المدة فإنه يحكم بموته ويقسم ميراثه بين ورثته ، وإنما يعتبر من ورثته من يكون باقيا في هذه الحالة ولا يرثه أحد ممن مات قبل هذا شيئا ; لأنه إنما يحكم بموته في هذه الحالة وشروط التوريث بقاء الوارث حيا بعد موت المورث فلهذا لا يرثه إلا من كان باقيا من ورثته حين حكم بموته ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية