الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 202 ] فإن استؤجر على أن يذهب بكتاب له إلى مكان كذا فيدفعه إلى فلان ، فذهب به فوجده قد مات أو تحول إلى بلد آخر فرد الكتاب فلا شيء له ، وإن لم يرد الكتاب فله الأجر بحساب ذهابه معنى هذا أنه استأجره ليذهب بالكتاب إلى فلان ويأتيه بالجواب ، فإذا ذهب به ، ولم يرد الكتاب ، ولم يأته بالجواب فهو في الذهاب عامل للمستأجر ساع في تحصيل مقصوده وليس بعامل في الرجوع فيستحق حصة الذهاب من الأجر ، وإن رد الكتاب فلا شيء له في قول أبي حنيفة ; لأنه فوت على المستأجر ما يحصل له من المقصود حين رد كتابه إليه فخرج من أن يكون عاملا له في الذهاب ، وعلى قول محمد له أجر الذهاب ; لأنه ليس للكتاب حمل ومؤنة ، وإنما يستوجب الأجر باعتبار ذهابه بنفسه ، وقد ذهب فقد تقرر حقه في أجر الذهاب فلا يسقط ذلك بعوده رد الكتاب أو لم يرده ، ولكنا نقول : هو لا يستوجب الأجر بمجرد الذهاب من غير اعتبار الكتاب .

( ألا ترى ) أنه لو ترك الكتاب في أهله ، وذهب بنفسه لم يكن له أجر فكذلك إذا رد الكتاب معه ، وقول أبي يوسف في المسألة مضطرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية