وإذا حلف المشتري ألبتة عندنا ، وقال اشترى الرجل شيئا فادعى رجل فيه دعوى على العلم لأن المشتري يحلف البائع في الملك كما أن الوارث يحلف المورث ثم فيما يدعى في التركة إنما يستحلف الوارث على العلم فكذلك المشتري وهذا لأن أصل الدعوى على البائع ( ألا ترى ) أن المدعي لو أقام البينة صار البائع مقضيا عليه حتى رجع المشتري على البائع بالثمن فكان هذا في معنى الاستحلاف على فعل الغير فيكون على العلم ، وحجتنا في ذلك أن الشراء سبب متجدد للملك فإنما يثبت به ملك متجدد للمشتري وصار ثبوت هذا الملك له بالشراء كثبوته بالاصطياد والاسترقاق ثم هناك إذا ابن أبي ليلى يستحلف المالك على الثبات فهذا مثله بخلاف الإرث فإن موت المورث [ ص: 133 ] ليس بسبب متجدد لإثبات ملك الوارث ، ثم يقول المدعي يدعي على المشتري وجوب تسليم العين إليه وأنه غاصب في أخذه ومنعه منه ولو ادعى إنسان في المملوك دعوى كان الاستحلاف على الثبات فهنا كذلك أيضا وهكذا يقول في الوارث إذا أخذ عين التركة فادعى إنسان أن العين ملكه يستحلف على الثبات لهذا المعنى وهذا لأن أصل الاستحلاف على الثبات ، وإنما اليمين على العلم لدفع الضرر عن الخصم في موضع لا يمكنه أن يحلفه على الثبات ، ولما كان الشراء من ذي اليد شيئا موجبا للملك له كان ذلك مطلقا له اليمين على دعوى المدعي فلا حاجة إلى استحلافه ، قال والبراءة من كل عيب جائزة روي عن ادعى عليه أنه غصبه منه رضي الله عنه أنه باع عبدا له بثمانمائة درهم بالبراءة فطعن المشتري بعيب فخوصم إلى عمر فقال يمينك ما بعته وبه عيب علمته وكتمته فأبى أن يحلف فرده عليه فصلح عنده فباعه بألف درهم وأربعمائة درهم وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه باع بالبراءة وعن ابن عمر رحمه الله قال لا يبرأ منه حتى يسمي كل عيب وكان شريح يقول لا يبرأ حتى يسمي العيوب بأسمائها وقد بينا المسألة في كتاب البيوع والصلح وفيها حكاية قال : إن ابن أبي ليلى رحمه الله أبا حنيفة اجتمعا في مجلس وابن أبي ليلى أبي جعفر الدوالقي فأمرهما بالمناظرة في هذه المسألة وكان من مذهب أنه لا يبرأ حتى يرى المشتري موضع العيب فقال ابن أبي ليلى أرأيت لو باع جارية حسناء في موضع المأتي منها عيب أكان يحتاج البائع إلى كشف عورتها ليري المشتري ذلك العيب ، . أبو حنيفة
أرأيت لو أن بعض حرم أمير المؤمنين باع غلاما حبشيا على رأس ذكره برص أكان يحتاج إلى كشف ذلك ليريه المشتري فما زال يشنع عليه بمثل هذا حتى أفحمه وضحك الخليفة فجعل بعد ذلك يقول : يحتاج إلى أن يسمي العيوب بأسمائها لأن صفة المبيع وماهيته إنما تصير معلومة بتسمية ما به من العيوب ، ولكنا نقول الإبراء عن العيوب إسقاط للحق والمسقط يكون متلاشيا فالجهالة لا تمنع صحته ، ثم البائع بهذا الشرط يمنع من التزام تسليم العين على وجه لا يقدر على تسليمه فربما يلحقه الجرح في تسمية العيوب والجرح مدفوع وأكثر ما فيه أنه يمكن جهالة في الصفة بترك تسمية العيوب ولكن البائع يلاقي العين دون الصفة فيصح البيع بشرط البراءة عن العيوب ويصح الإبراء عن الجهالة لكونه إسقاطا . ابن أبي ليلى