وإذا فإن قال الخصم للقاضي لا أقر ولا أنكر رحمه الله قال لا يجبره القاضي على ذلك ولكن يدعو المدعي بشهوده وقال أبا حنيفة لا أدعه حتى يقر أو ينكر لأن الجواب مستحق عليه فإذا امتنع من إيفاء ما هو مستحق عليه مع قدرته على ذلك أجبره القاضي على إيفائه بالحبس ثم ابن أبي ليلى إنكار المدعى عليه فلا بد أن يجبره القاضي حتى يجيب بالإقرار فيتوصل به المدعي إلى حقه أو بالإنكار فيتمكن من إثبات حقه بالبينة ولكنا نقول الإنكار حق المنكر لأنه يدفع به المدعي عن نفسه ويثبت به حق نفسه فلا يجوز أن يجبر على الإتيان به ثم السكوت قائم مقام الإنكار لأن المنكر مانع والساكت كذلك والإنكار منازعة بالقول وفي السكوت منازعة بالفعل وهو الامتناع عن التسليم ومن الجواب بعد ما طولب به فيكون ذلك قائما مقام إنكاره ويتمكن [ ص: 163 ] المدعي من إثبات حقه بالبينة عند ذلك قال شرط قبول البينة أبو يوسف يستحلفه على حق المدعي ويجبره أنه يلزمه القضاء إن لم يحلف فإن لم يحلف قضى عليه بالنكول وإن حلف دعا المدعي شهوده فهما يجعلان سكوته أيضا بمنزلة إنكار إلا أن على قولهما إذا ومحمد استحلفه القاضي فإن زعم المدعي أن له شهودا على حقه فعند طلب المدعي يمين المدعى عليه إنما يشتغل بالاستحلاف إذا قال المدعي لا بينة لي . أبي حنيفة
فأما إذا كانت له بينة لا يشتغل بالاستحلاف لأن { } ولأنه إنما يشتغل بالاستحلاف في موضع ينقطع المنازعة باليمين وإنما يكون ذلك إذا لم يكن للمدعي بينة . النبي صلى الله عليه وسلم قال للمدعي ألك بينة قال لا فقال عليه السلام إذا لك يمينه
فأما إذا كان له بينة فالمنازعة لا تنقطع بالاستحلاف لأن المدعي يقيم البينة بعده فليس في الاشتغال بالاستحلاف هنا فائدة قطع الخصومة وهما يقولان البينة واليمين كل واحد منهما حق المدعي فله في الاستحلاف مقصود صحيح وهو وصوله إلى حقه في أقرب الأوقات لعلمه أن الخصم لا يحلف كاذبا فكان له أن يطلبه بذلك وعلى القاضي إجابته إليه .
( ألا ترى ) أنه يسأله الجواب في الابتداء رجاء أن يقر فلا يحتاج إلى إقامة البينة فكذلك له أن يستحلفه رجاء أن ينكل عن اليمين فلا يحتاج إلى إقامة البينة .