وإذا قد بينا في الإجارات أن الحمال أجير مشترك ، وأن هذا النوع من الانكسار يكون بجناية يده فيكون ضامنا إلا على قول استأجر الرجل رجلا يحمل له دن خل فعثر الحمال فانكسر الحمل رحمه الله وصاحب الدن بالخيار إن شاء ضمنه قيمته غير محمول ولا أجر عليه ، وإن شاء ضمنه قيمته محمولا إلى الموضع الذي انكسر فيه وأعطاه من الأجر بحساب ما حمل ولو تعمد كسره فكذلك الجواب عندنا . زفر
وقال يضمنه قيمته محمولا إلى الموضع الذي كسر فيه وأعطاه الأجر بحساب ما حمل وذكر زفر رحمه الله أن قياس قول عيسى بن أبان رحمه الله هكذا ; لأن أجير المشترك عنده أمين لا يضمن باعتبار القبض ، فإنما يلزمه الضمان باعتبار جنايته عند الكسر فلا بد من اعتبار قيمته عند تقرر سبب الضمان ; لأن الحكم لا يسبق سببه ، ولكنا نقول : إذا اختار صاحب الدن أن يضمنه قيمته غير محمول لم يضمنه ذلك باعتبار القبض ، ولا باعتبار جنايته أيضا ، ولكن تفرق عليه الصفقة حين كسره في بعض الطريق فغير عليه شرط عقده فيكون له أن يفسخ العقد في مقدار ما يحمله فيسقط حصة ذلك من الأجر ويضمنه قيمته غير محمول ، فإن قيل : كيف يفسخ العقد في مقدار ما يحمله ، وذلك متلاش غير قائم ؟ قلنا : بل هو قائم حكما ببقاء بدله فإن الحمال ضامن قيمته محمولا إلى هذا الموضع بالاتفاق ، وكما لا يجوز الفسخ عند تفرق الصفقة على العين يجوز فسخه على بدل العين إذا كان قائما كما لو أبي حنيفة كان للمشتري أن يفسخ العقد على القيمة في المنقول كتفرق الصفقة عليه ، ولكن لو انكسر من غير عمله بأن أصابه حجر من مكان أو وقع عليه حائط أو كسره رجل ، وهو على رأسه فلا ضمان عليه في قول اشترى عبدين فقتل أحدهما قبل القبض ثم مات الآخر رحمه الله أبي حنيفة وعندهما هو ضامن إذا تلف بما يمكن الاحتراز عنه [ ص: 199 ] وإن لم يكن من عمله ، وإن قال رب الدن عبر فانكسر ، وقال الحمال أصابه حجر فانكسر أو قال كان منكسرا فالقول قول الحمال وله الأجر إلى حيث انكسر ; لأنه ينكر سبب وجوب الضمان عليه فالقول قوله مع يمينه بمنزلة المودع يدعي عليه صاحب الوديعة الاستهلاك ، وهو منكر لذلك ، وأما الأجر إلى حيث انكسر ; لأن صاحب الدن صار مستوفيا ذلك القدر من المعقود عليه فيقرر عليه حصته من الأجر ثم مات ، ولم يخلف بدلا فلا يمكن فسخ العقد فيه باعتبار تفرق الصفقة ; فلهذا كان للحمال الأجر حيث انكسر .