فأما فطاهر عند سؤر الحمار رحمه الله تعالى ، وهو قول الشافعي رضي الله عنهما فإنه كان يقول الحمار يعلف القت ، والتبن فسؤره طاهر ، وعندنا مشكوك فيه غير متيقن بطهارته ، ولا بنجاسته فإن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول إنه رجس فيتعارض قوله ، وقول ابن عمر رضي الله عنهما ، وكذلك الأخبار تعارضت في أكل لحمه فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس خيبر } ، وروي أن نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم أبجر بن غالب رضي الله عنه قال لم يبق لي من مالي إلا حميرات فقال عليه الصلاة والسلام { } ، وكذلك اعتبار سؤره بعرقه يدل على طهارته ، واعتباره بلبنه يدل على نجاسته ، ولأن الأصل الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة موجود في الحمار ; لأنه يخالط الناس لكنه دون ما في الهرة فإنه لا يدخل المضايق فلوجود أصل البلوى لا نقول بنجاسته ، ولكون البلوى فيه متقاعدا لا نقول بطهارته فيبقى مشكوكا فيه ، وأدلة الشرع أمارات لا يجوز أن تتعارض ، والحكم فيها الوقف ، وكان كل من سمين مالك أبو طاهر الدباس رحمه الله [ ص: 50 ] ينكر هذا ، ويقول لا يجوز أن يكون شيء من حكم الشرع مشكوكا فيه ، ولكن يحتاط فيه فلا يجوز أن يتوضأ به حالة الاختيار ، وإذا لم يجد غيره يجمع بينه ، وبين التيمم احتياطا فبأيهما بدأ أجزأه إلا على قول فإنه يقول يبدأ بالوضوء فلا يعتبر تيممه مادام معه ماء هو مأمور بالتوضؤ به ، ولكن نقول الاحتياط في الجمع بينهما لا في الترتيب فإن كان طاهرا فقد توضأ به قدم ، أو أخر ، وإن كان نجسا ففرضه التيمم ، وقد أتى به ، ولا يقال في هذا ترك الاحتياط من وجه ; لأنه إن كان نجسا تتنجس به أعضاؤه ، وهذا ; لأن معنى الشك في طهارته لا في كونه طاهرا ; لأن الحدث يقين فأما العضو ، والثوب فطاهر بيقين فلا يتنجس بالشك ، والحدث موجود بيقين فالشك وقع في طهارته ، واليقين لا يزال بالشك ، وهو الصحيح من المذهب . زفر