قال : ولو أن بانتا منه بغير طلاق ; لأنهما صارتا أما وبنتا ، وذلك ينافي النكاح ابتداء وبقاء والفرقة بمثل هذا السبب تكون بغير طلاق فإن تزوج بعد ذلك الصغيرة كانت عنده على ثلاث تطليقات وله أن يتزوجها ; لأن مجرد العقد على الأم لا يحرم الابنة من النسب فكيف يحرم الابنة من الرضاعة ، وهذا اللبن ليس منه ; لأنه لم يدخل بها ، ولا تصير الصغيرة ابنته من الرضاعة وليس للكبيرة عليه من الصداق شيء ; لأن الفرقة جاءت من قبلها حين أرضعت الصغيرة وللصغيرة نصف الصداق ; لأن الفرقة لم تكن من قبلها ، فإن فعلها الارتضاع ، وذلك لا يصلح لبناء الحكم عليه ، وفي إسقاط جميع الصداق إذا جاءت الفرقة من قبلها معنى العقوبة من وجه فلا يثبت ذلك بفعل الصغيرة ، كما لا يثبت حرمان الميراث بقتل الصغيرة ويستوي إذا كانت الكبيرة تعلم أن الصغيرة امرأة زوجها أو لا تعلم ذلك فيما بينا من الحكم إلا أنها إذا كانت تعلم ، وقد تعمدت الفساد ، فإنه يرجع الزوج عليها بنصف مهر الصغيرة ، وهذا إذا أقرت أنها تعمدت الفساد ، وإن لم تتعمد الفساد أو لم تعلم أنها امرأته فلا شيء عليها ، وفيها قول آخر أنه يرجع عليها بنصف الصداق سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمده ، وقد بينا أن هذه رواية عن رجلا له امرأتان إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة وللكبيرة لبن من غيره ، ولم يدخل بها فأرضعت الكبيرة الصغيرة ، وهو قول محمد وأحد قولي أبي يوسف رحمه الله ; لأن السبب قد تقرر ، وإن لم يعلم به [ ص: 308 ] إلا أنا نقول : المسبب إذا لم يكن متعديا في التسبب لا يكون ضامنا كحافر البئر في ملك نفسه ، وإن اختلفا فقال الزوج : تعمدت الفساد وقالت المرأة : ما تعمدت ذلك فالقول قولها ; لأن الزوج يدعي عليها الضمان وهي منكرة ، ولو كانت الكبيرة مصابة فأرضعت الصغيرة في جنونها بانتا منه ولكل واحدة منهما نصف الصداق ; لأنه ، كما لا يعتبر فعل الصغيرة فيما فيه معنى العقوبة لا يعتبر فعل المجنونة ، ولا يرجع الزوج على الكبيرة ; لأنها غير متعدية في السبب لكونها مصابة ، وكذلك لو جاءت الصغيرة إلى الكبيرة وهي نائمة فارتضعت من ثديها كان لكل واحدة منهما نصف الصداق ; لأنه لم يوجد من الكبيرة فعل في الفرقة ، ولا معتبر بفعل الصغيرة الشافعي
ولو أن رجلا جاء وأخذ من لبن الكبيرة في مسعط فأوجر به الصغيرة ، ولا تعلم الكبيرة أي شيء يريد ، فإنهما يبينان منه وعلى الزوج نصف الصداق لكل واحدة منهما
فإن أقر الرجل أنه أراد الفساد رجع الزوج بجميع ما غرم لهما لكونه متعديا في التسبب ، وإن قال لم : أتعمد الفساد فالقول قوله ، ولا يرجع عليه الزوج بشيء في قول أبي حنيفة ، وفي القول الآخر يرجع ، وهذا يبين لك أن القول الآخر قول وأبي يوسف رحمه الله محمد
وإن كان الزوج هو الذي فعل ذلك يعني الإيجار بانتا " منه وعليه نصف الصداق لكل واحدة منهما ، ولا رجوع له على أحد ; لأن الفرقة إنما وقعت بسبب من جهته قبل الدخول